سادسا: قوله عز من قائل: " والله على كل شئ قدير " عقيب هذه التأكيدات البليغة.
ومن المعلوم أنه لا يحسن التأكيد إذا لم يكن الطرف منكرا، ولا مترددا، ولا منزلا منزلته. فهذه التأكيدات البليغة الراجعة إلى تحقيق الحكم وتقريره وتثبيته تكشف عن كمال اهتمام الباري جل شأنه بهذا الحكم، كما تكشف عن شدة إنكارهم لهذا الأمر، واستنكافهم عن قبوله والانقياد له، وليس هذا إلا من طرف ذي القربى، الذين منعوا عن حقهم، وخمسهم وفيئهم الذي جعله الله لهم.
وأما الثالث: وهو موضوع الخمس فهو أعم من غنائم دار الحرب، لأن الغنم مقابل للغرم، ولا يختص ذاتا بغنائم دار الحرب، لعموم الغنم لكل فوز بالمال مجانا، وليس في الآية ما يوجب تخصيصه بها، بل الآية مصرحة بالعموم.
تقريره: إن كلمة " ما " من المبهمات، وهي ظاهرة في العموم لكل مغنوم، مع قطع النظر عن بيانه، إذ لا عهد في البين، ولا سبيل إلى إرادة فرد منه لا بعينه في المقام، فتعين أن يراد منه العموم.
وأما مع ملاحظة بيانه فهو صريح في العموم لأن تبيين المبهم بشئ الذي هو مبهم أيضا، تصريح بأنه لا يكون في البين تخصيص وتقييد، ولو كان لقيده به في مقام البيان.
والحاصل: أن جعل المبهم بيانا للمبهم أبلغ من تأكيده به في إفادة العموم، وأصرح منه كما لا يخفى، فتبين أن ما ذهب إليه العامة من تخصيصه بغنائم دار الحرب مخالف لصريح الآية.
ثم إن المستفاد من الآية الكريمة أن موضوع الخمس هو الذي غنمه