والثالث: إنه مع تسليم دلالة الخبر على الإمامة والخلافة، لا دلالة له على ثبوتها له عليه السلام بلا فصل، حتى ينافي مذهب العامة، لأن إمامته في الجملة مسلمة بين الفريقين، والخبر لا دلالة له على أزيد من ثبوت الإمامة له عليه السلام.
أقول: توهم أن المولى من الألفاظ المشتركة، وهم ظاهر، أما هيئة، فلظهور أن هيئته هيئة مفعل، وهي في جميع الموارد إنما تفيد نسبة المبدأ إلى شئ على وجه المحلية زمانا أو مكانا، وأما مادة، فلأن مادته الولي - وهي كما قال في المصباح المنير - (1) مثل فلس: القرب، ولم يذكر له سوى هذا المعنى، وإنما ذكر بعده موارد استعمالاته.
والتحقيق أنه بمعنى القرب بلا فصل، حسا أو معنى، كما يشهد به الاطراد في موارد استعمالاته. ومن الموارد التي ينطبق فيها هو على القرب الحسي الموالاة بين الفعلين، فإنها عبارة عن إتيان أحدهما عقيب الآخر بلا فصل، ومن هذا الباب قولك: توالت الأخبار، وقولك: مما يليه، أي يقاربه، وجاءوا ولاء، أي متتابعين، ومن الموارد التي ينطبق فيها على القرب المعنوي الموالاة بين شخصين، بمعنى المحبة أو النصرة أو السلطنة، وهكذا، فإنها أسباب للقرب المعنوي بين الطرفين، ويكون كل منهما طرفا للولاء، ومحلا، فانطباق المولى على السيد والعبد باعتبار أن كلا منهما طرف لولاء الملك والسلطنة، لا أنه من الأضداد حينئذ، غاية الأمر أنه يختلف الطرفان في الطرفية، فأحدهما حبل السلطنة بيده، والآخر في رقبته.
وأما إطلاق التولي عن الشئ على الإعراض والإدبار عنه، فهو من