أعداءه، ميلا مع الدنيا، وإيثارا للعاجلة، فمنهم: أنس بن مالك، ناشد علي عليه السلام في رحبة القصر - أو قال في رحبة الجامع بالكوفة -: أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " من كنت مولاه فعلي عليه السلام مولاه " فقام اثنا عشر رجلا فشهدوا بها، وأنس بن مالك في القوم لم يقم، فقال له: يا أنس ما يمنعك أن تقوم فتشهد، فلقد حضرتها، فقال: يا أمير المؤمنين عليه السلام كبرت ونسيت، فقال:
" اللهم إن كان كاذبا فارم بها بيضاء لا تواريها العمامة " قال طلحة بن عمر:
فوالله لقد رأيت الوضح به بعد ذلك أبيض بين عينيه.
وروى عثمان بن مطرف أن رجلا سأل أنس بن مالك في آخر عمره عن علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: إني آليت ألا أكتم حديثا سألت عنه في علي عليه السلام بعد يوم الرحبة: ذاك رأس المتقين يوم القيامة. سمعت والله من نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم. (1) أقول: ومن الكاتمين بل الآمرين بإنكار خبر الغدير مع معرفته به أبو حنيفة أحد أئمة العامة.
فقد روى شيخنا المفيد في أماليه مسندا إلى محمد بن نوفل بن عابد الصيرفي، قال: دخل علينا أبو حنيفة النعمان بن ثابت، فذكرنا أمير المؤمنين ودار بيننا كلام في غدير خم، فقال أبو حنيفة: قد قلت لأصحابنا لا تقروا لهم بغدير خم، فيخصموكم، فتغير وجه الهيثم بن حبيب الصيرفي، وقال:
لم لا تقرون به، أما هو عندك يا نعمان، قال: هو عندي، وقد رويته، فقال:
لم لا تقرون به، وقد حدثنا حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل، عن زيد بن أرقم: أن عليا عليه السلام أنشد الله في الرحبة من سمعه، فقال أبو حنيفة: