جهة كلمة " عن "، فإن العطف عن الشئ إعراض وإدبار عنه، كما أن الرغبة عنه كذلك: فالمعنى الأصلي، وهو القرب والعطف محفوظ في جميع الموارد، ولا يختلف باختلافها، وإنما تختلف الخصوصيات الطارئة على أصل المعنى باختلاف الموارد، واختلاف التعدية ب " عن " وغيره، فيتوهم الجاهل أن المعنى يختلف في الموارد، ويكون اللفظ مشتركا لفظيا بين معان عديدة.
وإذ تبين لك ذلك فقد تبين لك أنه لا مجال لما توهمه من الاجمال، لعدم تعدد المعنى الأصلي الذي يستعمل فيه اللفظ، حتى يتطرق الاجمال في المستعمل فيه عند عدم القرينة المعينة.
هذا بالنسبة إلى أصل المعنى.
وأما بالنسبة إلى الخصوصيات الطارئة باختلاف الموارد، فالأمر أوضح، لظهور لفظ المولى في مالك الأمر، والأولى بالتصرف في حد نفسه، مع قطع النظر عن المورد، لانصراف اللفظ إليه عند الاطلاق، مع قطع النظر عن خصوصية المورد، وقد صرح به المبرد - على ما نقله عنه صاحب المجمع (1)، كما عرفت - وكمال ظهوره، بل صراحته فيه باعتبار المورد، لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذي هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم، إذا قال للأمة:
" من كنت مولاه " لا يفهم منه في العرف إلا الولاية والسلطنة الإلهية، كما أن السلطان إذا قال للرعية: من كنت مولاه، فابني أو أخي أو ابن عمي مولاه، لا يفهم منه عند العرف إلا ولاية السلطنة، وتعيين الخليفة لنفسه وصراحته، بل كمال الصراحة باعتبار صدر الخبر، وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " ألست أولى بكم من