أنفسكم "؟ فإن الاستفهام في المقام ليس إلا للتقرير، فهو صلى الله عليه وآله وسلم أخذ منهم الاقرار أولا بولايته عليهم من قبل الرب تعالى بقولهم: " اللهم نعم " ثم قال بعد إقرارهم بالولاية: " من كنت مولاه فعلي مولاه " فأي قرينة أجلى وأبين منه في أن المراد من هذه الولاية: الولاية والسلطنة الإلهية؟!
ولا ينافي ما بيناه عدم ذكر بعض الرواة صدر الخبر اختصارا، أو نسيانا، أو لغرض آخر، لأن ذكره في كثير منها كاف للاعتبار، وصيروته قرينة لتعيين كيفية الولاية المتعرضة لصدر الحديث الشريف، والساكتة عنه، حتى يتوهم سقوطه عن الاعتبار، باعتبار المعارضة، إذ لا معارضة بين الروايات.
وبما بيناه ظهر أنه لا إجمال في الحديث، وإن سلمنا الاشتراك اللفظي في لفظ المولى، للجهات الثلاثة المذكورة: انصراف لفظ المولى في حد نفسه إلى الأولى بالتصرف، وتعينه له ظهورا وصراحة باعتبار المورد، وصدر الخبر هذا.
وأما مناقشة الرازي فهو تشكيك في البديهيات؟ لأنه إن أراد من عدم مجئ المولى بمعنى الأولى بالتصرف لغة ولا عرفا أنه لم يرد منه الأولى بالتصرف في استعمالاتهم، ولو على سبيل الاطلاق فهو بديهي البطلان، لأن إطلاق المولى على السيد ومالك الرقبة الذي هو الأولى بالتصرف من العبد في أمره، من الاطلاقات الشائعة التي لا تقبل الانكار، بل هو المتبادر عند الاطلاق، وإن أراد منه عدم مجئ هيئة مفعل، بمعنى هيئة التفضيل، فهو صحيح، ولا ينفعه، لأن إطلاق المولى على السيد، ومالك الأمر الذي هو أولى بالتصرف إنما هو باعتبار أنه محل لولاء العبد، من حيث كونه آخذا بحبله المستتبع لا ولويته بالتصرف في أمر المأخوذ، لا باعتبار مجئ