بحديث جعله بمنزلة تمام الدين، إنما هي الولاية والخلافة، لأن تبليغ غيرها من الأحكام لم يكن محلا لخوف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من الناس.
كما أن هذا الاهتمام والتأكيد لا يناسب غير الولاية من سائر الأحكام، إذ لا يكون منزلة غيرها من الأحكام بهذه المثابة، بحيث لو ترك ترك الجميع، وإنما يناسب هذا الاهتمام الولاية والخلافة، حيث يكون الدين محفوظا من الضياع بنصب الخليفة وتعيينه من قبله تعالى، ومعرضا للضياع من حيث الزيادة والنقصان بتركه هذا.
ولا بأس بذكر التفاسير المخالفة للروايات، وبيان ما فيه.
ففي مجمع البيان: أكثر المفسرون فيه الأقاويل.
فقيل: إن الله تعالى بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم برسالة ضاق بها ذرعا، وكان يهاب قريشا، فأزال الله بهذه الآية تلك الهيبة، عن الحسن.
وقيل: يريد به إزالة التوهم من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كتم شيئا من الوحي للتقية، عن عائشة.
وقيل غير ذلك. (1) وروى العياشي في تفسيره، بإسناده عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، وجابر بن عبد الله، قالا: أمر الله محمدا صلى الله عليه وآله وسلم أن ينصب عليا للناس، فيخبرهم بولايته، فتخوف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقولوا: حابى ابن عمه، وأن يطعنوا في ذلك عليه، فأوحى الله إليه الآية، فقام بولايته يوم غدير خم. (2) وهذا الخبر - بعينه - قد حدثناه السيد أبو الحمد عن الحاكم أبي القاسم