الدالة على زيادة الإيمان كقوله تعالى وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا فمحمول على ما ذكره أبو حنيفة رحمه الله من أنهم كانوا آمنوا في الجملة ثم يأتي فرض بعد فرض وكانوا يؤمنون لكل فرض خاص فالزيادة إنما هي باعتبار زيادة ما يجب الإيمان به تفصيلا وهذا لا يتصور في غير عصر النبي صلى الله عليه وسلم انتهى فإن قلت إن بعض الأحكام ثبت بعد النبي عليه السلام كالثابت بالإجماع قلنا هو مؤمن به قبل إجماعهم إجمالا بقوله عليه السلام عليكم بسنتي وسنة الخلافة الراشدين المهديين من بعدي تتمة الإيمان والإسلام واحد إذ الإسلام هو الخضوع والانقياد بمعنى قوله الأحكام والإذعان حقيقة التصديق عل ما قدمنا ويؤيده قوله تعالى فأخرجنا من كان من المؤمنين * فما وحدنا فيها غير بيت من المسلمين وبالجملة لا يصح في الشرع أن يحكم على أحد بأنا وليس بمسلم أو مسلم وليس بمؤمن ولا نعني بوحدتهما سوى هذا وظاهر كلام المشايخ أنهم أرادوا عدم تغايرهما بمعنى أنه لا ينفك أحدهما عن الآخر لا الاتحاد بحسب المفهوم لما ذكر في الكفاية من أن الإيمان هو تصديق الله فيما أخبر به من أوامره ونواهيه والإسلام هو الانقياد والخضوع لألوهيته وذا لا يتحقق إلا بقبول الأمر والنهي فإن الإيمان لا ينفعك عن الإسلام حكما ومن أثبت التغاير يقال له ما حكم من آمن ولم يسلم أو أسلم ولم يؤمن أي أثبت لأحدهما حكما ليس بثابت للآخر والأظهر بطلان قوله فإن قيل قوله تعالى قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا صريح في تحقيق الإيمان بدون الإسلام قلنا المراد أن الإسلام المعتبر في الشرع لا يوجد بدون الإيمان وهو في الآية بمعنى الانقياد والظاهر من غير انقياد الباطن بمنزلة المتلفظ بكلمة الشهادة من غير تصديق في باب الإيمان فإن قيل قوله عليه السلام في تفسير الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة الحديث دليل على أن الإسلام هو الأعمال دون التصديق القلبي الذي فسر به الإيمان فلا يكون الإسلام والإيمان واحدا قلنا المراد أن ثمرات الإسلام وعلاماته ذلك كما قال عليه السلام للوفد أتدرون ما الإيمان بالله وحده قالوا الله ورسوله أعلم فقال صلى الله عليه وسلم شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وأن تعطوا من المغنم الخمس وكما قال عليه أفضل الصلاة والسلام الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق فقد أطلق الإيمان على ثمراته وما يكون به كماله والله أعلم. قال الناظم رحمه الله تعالى رحمه واسعة:
(٩٨)