واحتجوا بمثل قوله تعالى تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والجواب مبتدأ بأن هذا يحتمل الحال والاستقبال وقصة آدم عليه إسلام نص في الوقوع فبقيت سالمة عن المعارض على أن معنى نجعلها يحتمل أن يكون نخصها بهم كما يقال أجعل هذه لزيد وهذا لعمرو أي أخص به فلا ينافي وجودهما الآن وقولهم لو كانتا موجودتين الآن لما جاز هلاك أكل الجنة لقوله تعالى أكلها دائم وظلها لكن اللازم باطل لقوله تعالى كل شئ هالك إلا وجهه مردود خبر لأنه نقول لا خفاء في أنه لا يمكن دوام أكل الجنة بعينه وإلا فكيف يصح التنعم في الآخرة وإنما المراد بدوامه أنه إذا فنى منه شئ جيئ ببدله وهذا لا ينافي الهلاك لحظة وقدمنا بقية الكلام في ذلك الإعراب للجنات خبر مقدم والنيران معطوف عليه وكون مبتدأ مؤخر ومر فعل ماض وفاعله أحوال وعليها متعلق به ويحتمل أن يكون مصدرا مرفوعا بالابتداء مضافا إلى أحوال وعليها في محل رفع خبر قدم عليه وخوال صفة أحوال على كل حال (وحاصل معنى البيت) إن معتقد أهل السنة أن للجنات والنيران وجود الآن وثبوت وفيما يقابله من الأزمان كما يستفاد من صريح القرآن خلافا لما تزعمه المعتزلة من نفي وجودهما الآن أو نفيهما بالكلية قال القاضي ذهب جمهور الأمة إلى أن الجنة مخلوقة والدليل عليه الكتاب والسنة وإجماع الأمة وقال العلامة السيوطي في كتابه المسمى بشرح الصدور وقد ثبت بالأدلة أن الجنة فوق السماء السابعة وأن النار تحت الأرض السابعة وعن مجاهد أنه قال السجين صخرة تحت الأرض السابعة في جهنم جعل كتاب الفجار فيها والله أعلم قال الناظم رحمه الله تعالى 53 وللدعوات تأثير بليغ * وقد ينفيه أصحاب الضلال يعني أن معتقد أهل السنة أن للدعوات تأثيرا أي فائدة لنفس الداعي ولغيره بدعائه من حي أو ميت بإجابة الله تعالى وكذا للصدقات وفعل الخيرات لكل ذلك نفع بأمر الله تعالى كما هو صريح الكتاب والسنة وعليه إجماع الأمة قال تعالى ادعوني أستجب لكم وقال أجيب دعوة الداع إذا دعان وغير ذلك من الآيات وقال عليه السلام يستجاب دعاء العبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم وقال إن ربكم حي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا وقال فيما رواه ابن عباس رضي الله عنهما خمس دعوات لا ترد دعوة الحاج حتى يصدر
(١١٣)