وقال لها اسكني أنا عدل فسكنت ومنعه النار التي كانت تأتي المدينة كل عام نشر ثوبه في وجهها ولم تأت بعد ذلك وكشرب خالد رضي الله عنه قدحا من السم وكالمشي على الماء كما وقع لكثير من الأولياء وفي الهواء كما نقل عن جعف بن أبي طالب وعن لقمان السرخسي وغيرهما وكلام الجماد كما روي أنه بين يدي سلمان وأبي درداء رضي الله عنهما قصعة فسبحت وسمعا تسبيحها وكما روي أنه عليه السلام قال بينما رجل يسوق بقرة قد حمل عليها إذ التفتت إليه وقالت إني لم أخلق لهذا وإنما خلقت للحرث فقال الناس سبحان الله بقرة تتكلم وغير ذلك مما وقع للأولياء من خوارق العادات وكل ذلك من معجزاته صلى الله عليه وسلم لأن الولي تابع له وكل كرامة لو لي تكون معجزة لمتبوعه ولا عبرة لانكار المعتزلة كرامات الأولياء واستدلالهم بأنا لو جاز ظهور خوارق العادات من الأولياء لاشتبهت الكرامة بالمعجزة ولم يتميز بين النبي والولي لأنا نقول إن ظهور الخارق من الولي ليس معه دعوى نبوة بخلافه من النبي وهو الفارق لأنه مأخوذ في تعريف المعجزة دون الكرامة.
تتمة ينبغي للولي الذي أكرمه الله تعالى أن يجتهد في كتمان ما خصه الله به من الكرامات ولا يظهره بالدعوى فإنه انحطاط في درجته ونقصان في مرتبته لاستر بينه وبين ربه فلا ينبغي أن يبوح به كما قال قائلهم * من باح بالسر كان القتل سيمته * وأما ما يظهره بعضهم مما يزعم به المكاشفات والعلم بالمغيبات مع جهله بأمور الدين فإنما هو شأن الدجالين الزائغين عن الحق المبين الضالين المضلين وسيأتي تمامه والحمد لله رب العالمين قال الناظم رحمه الله 33 ولم يفضل ولي قط دهرا * نبيا أو رسولا في انتحال يفضل بضم كينصر من الفضل خلاف النقص وأراد به هنا نفي الرجحان أي لا يرجح عليه بالفضل يقال فضل فلان فلانا إذا زاد عليه في الفضل فذاك فاضل وهذا مفضول والفضيلة النعمة القاصرة على صاحبها كالزهد والصلاح والولاية والعلم الذي لا ينفع به غيره وغير ذلك والفاضلة النعمة التي يتعدى نفعها إلى الغير ويقع الشكر بمقابلته كالكرم والتعليم ونحوهما وكل منهما يكون سجية وقد يحصل بالكسب وقد يجتمعان في الشخص فيقال ذو الفضائل والفواضل وتقدمت قط وتخفيفها