فصار فيها في حكم أهل الآخرة فلا فرق بينهما في هذه الحالة في عدم قبول كل منهما على الأصح وأما إطلاق اليأس على ما قبلها فالمراد به شدة المرض والخوه والقرب من الحالة الأولى والكلام فيها فالتوبة فيها مقبولة دون الإيمان كما تقدم والجمهور على هذا وعليه فلا حاجة إلى الجواب بأن المراد من السيئات في الآية الشرك لأنه صرف الكلام عن ظاهره من غير مقتض فافهم وإلى هذا يشير كلام صاحب الكشاف وهو الحق ولا عبرة بكلام من لم يفهم كلامه حيث قال في قوله تعالى ثم يتوبون من قريب الزمان القريب ما قبل حضرة الموت ألا ترى إلى قوله تعالى حتى إذا حضر أحدهم الموت الآية فيتعين أن الاحتضار هو الوقت الذي لا تقبل فيه التوبة فبقي ما وراء ذلك في حكم القريب ثم ذكر بعد خطوط أن قوله تعالى الذين يموتون عطف على الذين يعملون السيئات قال ساوى بين الذين سوفوا توبتهم إلى الموت وبين الذين ماتوا على الكفر في أنهم لا توبة لهم لأن حضرة الموت أول أحوال الآخرة فكما أن المائت على الكفر فاتته التوبة على التوبة على اليقين فكذلك المسوف إلى حضرة الموت لمجاوزة كل منهما أو أن التكليف والاختيار انتهى وتابعه على ذلك البيضاوي فقال ساوى بين من سوف التوبة إلى وقت حضور الموت من الفسقة والكفار في نفي التوبة للمبالغة في عدم الاعتداد بها في تلك الحالة وكأنه قال وتوبة هؤلاء وعدم توبة هؤلاء سواء انتهى فتدبر وقال في البزازية قال علماؤنا وإنما صحت التوبة في هذا الوقت لأن الرجاء باق ويصح من الندم والفرم على ترك الفعل قال في التفسير الكبير في قوله تعالى وليست التوبة الآية دلت على أن من حضره الموت وشاهد أهواله فتوبته غير مقبولة وكذلك قوله تعالى حتى إذا حضر أحدهم الموت الآية وكذلك قوله تعالى وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق واكن من الصالحين فإنه تعالى أخبر في هذه الآيات أن التوبة لا تقبل عند حضور الموت ثم قال أي في التفسير الكبير والمحققون على أن قرب الموت لا يمنع من قبول التوبة بل المانع من قبولها مشاهدة الأهوال التي تجعل العلم عندها على سبيل الاضطرار بالله تعالى فهذا كلام الحنفية والمالكية والشافعية من المعتزلة والسنية والأشاعرة والماتريدية وأن توبة اليأس لا تقبل كإيمان اليأس بجامع عدم الاختيار وخروج النفس من اليد وعدم ركن التوبة وهو العزم بطريق التصميم على أن لا يعود في المستقبل إلى ما ارتكب وهذا لا يتحقق في توبة اليأس إذا أردت باليأس
(٩٤)