قدرته فوق ولكن للاستدراك والاحتراس وقوله بلا وصف متعلق بما تعلق به الظرف ووصف مضاف والتمكن مضاف إليه واتصال معطوف على التمكن (وحاصل معنى البيت إنه تعالى قد استوى كما أخبر لإطلاق الآية فهو فوق العرش لكنه تعالى غير متصف بالتمكن والاتصال كتمكن الأجسام واتصالها لاحتياجها إلى مكان تقوم فيه ومكان تستقر عليه وكل تلك من صفات الحدوث وربنا منزه عن ذلك تتمة المشهور إن العرش جسم وإنه أعظم المخلوقات جرما ولذا خص بالذكر إذ في قدرة الله متسع فيجب الإيمان بذلك وعن ابن مسعود رضي الله عنه إن بين كل سمائين خمسمائة عام وبين الكرسي وبين العرش خمسمائة عام والعرش فوق الماء والله فوق العرش يعلم ما أنتم فيه وروي عن ابن عباس وابن مسعود وأناس من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين أن السماوات والأرض في جوف الكرسي والكرسي بين يدي العرش وعن أبي ذر رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله أيما أنزل عليك أعظم قال الكرسي ثم قال يا أبا ذر ما السماوات السبع من الكرسي إلا كحلقة ملقاة في أرض فلاة وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة كما في شرح خليل رحمه الله وعن ابن عباس رضي الله عنهما لما خلق الله حملة العرش قال لهم احملوا عرشي فلم يطيقوا فخلق مع كل ملك منهم من أعوانهم مثل جنود سبع سماوات وسبع أرضين وما في الأرض من عدد الحصى والثري وقال احملوا عرشي فلم يطيقوا فقال قولوا لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فقالوها فاستقلوا بعرش ربنا فنفذت أقدامهم في الأرض السابعة فلم تستقر فكتب في قدم كل ملك منهم اسما من أسمائه فاستقرت أقدامهم قال الناظم رحمه الله 13 وما التشبيه للرحمن وجها * فصن عن ذاك أصناف الأهالي في هذا البيت تأكيد التنزيه له تعالى المفهوم من سابقه أو أعم يريد أن الواجب عند أهل السنة والجماعة اعتقاد أنه تعالى لا يشبه أحدا ولا يشبهه أحد من المخلوقات لا ذاتا ولا صفاتا ولا أفعالا وأن تشبيهه تعالى بشئ من الحوادث ليس طريقا مرضيا يجوز اعتقاده لا شرعا ولا عقلا وكل ما خطر ببالك فالله وراء ذلك وأما ما أطلقه الشرع مما يوهم المشابهة بينه وبين المخلوق في الذات فقد تقدم الكلام فيه مستوفى وكذا في الصفات كعلم الخالق والمخلوق يوصف كل منهما بأنا موجود فقد تماثلا في الوجود مثلا فهو من جهة اللفظ لا من جهة المعنى لأن صفات القديم غير صفات الحادث وإذا تأملت قوله تعالى ليس كمثله شئ انجلت عنك غياهب الآلام وصفت عقيدتك من الشكوك والأوهام
(٢٩)