العليم وللاجماع على من آمن فمات قبل أن توجد منه الأعمال مات مؤمنا وكذا من عاش في أقصى البلاد أو على رأس جبل وبقي سنين ولم يعلم بالشرايع ومات مؤمنا ولأنه قد يرتفع العمل ولا يرتفع الإيمان كالحائض فإنها أمرت بترك الصلاة مثلا ولا يجوز أن يقال بترك الإيمان وكذا سقوط الحج والزكاة عن الفقير وهذا ما عليه أكابر العلماء كأبي حنيفة رحمه الله وأصحابه واختاره إمام الحرمين وجمهور الأشاعرة لما قدمنا من أن حقيقة الإيمان التصديق القلبي فقط أو مع الإقرار باللسان وعلى القولية فالأعمال ليست داخلة فيه ويتفرع عليه أن الإيمان عندنا لا يزيد ولا ينقص لكنه يقوى ويضعف وذهب الإمام الشافعي والأوزاعي من أئمة الحديث إلى أنها داخلة في الإيمان وأنه يزيد وينقص وعليه البخاري قال كتبت عن ألف وثمانين رجلا ليس فيهم الأصاحب حديث كلهم كانوا يقولون الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص وقيل النزاع في المسألة بين الفريقين لفظي وبينه بعض المحققين بأن الشافعي ومن وافقه يقولون إنها ركن من الإيمان الكامل بمعنى أن تاركها لا يكون كافرا بل يخرج عن الإيمان الكامل لا عن حقيقة الإيمان بحيث لا يكون مؤمنا أصلا كما هو قول المعتزلة قال السعد رحمه الله ولا يخفى أن هذه الوجوه يعني الدلالة على أن الأعمال ليست داخلة في حقيقة الإيمان إنما تقوم حجة على من يجعل الطاعات ركنا من حقيقة الإيمان بحيث إن تاركها لا يكون مؤمنا كما هو رأي المعتزلة لا على من ذهب إلى أنها ركن من الإيمان الكامل بحيث لا يخرج تاركها عن حقيقة الإيمان كما هو مذهب الإمام الشافعي انتهى وذهب الكرامية إلى أن الإيمان هو الإقرار فقط وذهب بعض المعتزلة إلى أنه العمل فقط فتحصل أن الأقوال خمسة في ثلاثة منها هو بسيط وفي واحد منها هو مركب من اثنين وفي واحد مركب من ثلاثة واحتج من قال بدخول الأعمال في الإيمان وأنه يزيد باعتبارها وينقص بقوله تعالى وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وأجيب بأن المعنى والله أعلم زادتهم نور الإيمان والتمكن منه لا نفس الإيمان إذ لو كانت داخلة في حقيقته لزم عدم الفائدة في خطابه تعالى بالإيمان في حق من علم إيمانه كقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة وقوله أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وغير ذلك كما قدمنا ولو كان ما أمر به من الأعمال من حقيقة الإيمان لدخل في خطاب الإيمان ولخرج خطاب الأمر بالأعمال عن الفائدة تعالى كلام الرب عن ذلك علوا كبيرا قال في شرح العقائد وما ورد من الآيات
(٩٧)