وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس وأجيب بأن المراد الرؤيا بالعين والمعنى ما فقد جسد محمد عن الروح بل كان مع روحه وكان المعراج للروح والجسد معا وقوله بشخصه إشارة إلى الرد على ما زعم أنه كان للروح فقط ولا يخفى أن المعراج في المنام أو بالروح ليس مما ينكر كل الإنكار والكفرة أنكروا أمر المعراج غاية الإنكار بل كثير من المسلمين قد ارتدوا بسبب ذلك وقوله إلى السماء إشارة إلى الرد على من زعم أن المعراج في اليقظة لم يكن إلا لبيت المقدس على ما نطق به الكتاب وقوله ثم إلى ما شاء الله إشارة إلى اختلاف السلف فقيل إلى الجنة وقيل إلى العرش وقيل إلى طرف العالم فالإسراء وهو من المسجد الحرام إلى البيت المقدس قطعي ثبت بقوله تعالى سبحان الذي أسرى بعبده ليلا الآية والمعراج من الأرض إلى السماء مشهور وإلى سماء الجنة أو العرش أو غير ذلك آحاد ثم الصحيح أنه عليه السلام إنما رأى ربه بفؤاده لا بعينه انتهى فتأمل فإنه مع مفهوم قوله ليس مما ينكر كل الإنكار مثل الإنكار والله تعالى أعلم قال الناظم رحمه الله 28 وإن الأنبياء لفي أمان * عن العصيان عمدا وانعزال العصيان إتيان الذنب عمدا والزلة إتيان الذنب سهوا والعاصي من أتى الكبائر عمدا طائعا والمسئ من آتي الصغائر كذلك ما لم يصر عليها والأنبياء عليهم السلام معصومون عن الكبائر بالاتفاق وعن الصغائر عمدا قبل النبوة وبعدها على الصحيح وكذا عن الانعزال أي الانخلاع عن النبوة لأنه يكون نقصا في حقهم وهم مبرؤون عنه وقد أمنهم الله بفضله فما فيه خسة لا يصدر عنهم لا عمدا ولا سهوا وأما ما ليس فيه خسية ففي صدوره منهم خلاف والذي جزم به أبو إسحاق الإسفرايني وأبو الفتح الشهرستاني والقاضي عياض وغيرهم: أن الصغائر لا تصدر عنهم أيضا لا عمدا ولا سهوا وهو الذي ندين الله تعالى به كما في شرح شيخنا ونحن نقول بما قال خلافا لما قال بعض الشراح من أنهم غير معصومين عن الصغائر قال لأن الله أثبت لهم الشفاعة فلو عصموا عن الصغائر لوقع الضعف في مقام الشفاعة انتهى وفي هذا الاستدلال ما لا يخفى على ذوي البصائر والحق إن الصغائر لا تقع منهم عمدا وأما سهوا فيجور وقوعها عند جماعة من أهل السنة يعني ما لم يكن فيه خسية كسرقة لقمة قال النكساري وأكثر أهل الحق
(٦٢)