به سمي به لأنه يسحت البركة أي يذهبها والرزق بكسر الراء بمعنى الشئ المرزوق الذي قدره الله تعالى للحيوان مدة حياته وأراد بالحل المقابل للسحت والمقال مصدر ميمى بمعنى القول والمراد المقول والقالي اسم فاعل أي المبغض من القلا بالكسر هو البغض أو الترك والهجر وأراد بهم المعتزلة يعني أن الحرام عندنا يعد من الرزق كالحلال لأن الرزق اسم لما يسوقه الله تعالى إلى الحيوان لينتفع به وذلك قد يكون حلالا وقد يكون حراما وهذا أولى من تفسيره بما يتغذى به الحيوان لخلوه عن معنى الإضافة إلى الله تعالى مع أنه معتبر في مفهوم الرزق وعند المعتزلة الحرام ليس برزق لأنهم فسروه تارة بمملوك يأكله المالك وتارة بما لا يمنع من الانتفاع به وذلك لا يكون إلا حلالا ويلزمهم على الأول أن لا يكون ما يأكله الدواب رزقا وعلى الوجهين أن من أكل الحرام طول عمره لم يرزقه الله تعالى أصلا وفساده ظاهر ومبنى هذا الاختلاف على أن الإضافة إلى الله تعالى معتبرة في معنى الرزق وأنه لا رازق سواه تعالى وأن العبد يستحق الذم والعقاب على أكل الحرام ولا يستحق ذلك إلا على ارتكاب القبيح وما يكون مسندا إلى الله لا يكون قبيحا ومرتكبه لا يستحق الذم والعقاب والجواب إن استحقاق ذلك لسوء مباشرته أسبابه باختياره وخالق المليح والقبيح هو الله لا سواه ثم اعلم أن الحرام وإن كان عندنا رزقا إلا أنه أضر ما يكون على آكله في دنياه وآخرته ولذا سماه الله تعالى خبيثا بقوله ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون وقال صلى الله عليه وسلم من اكتسب مالا من حرام فأنفق منه ووصل رحمه كان ذلك إضرارا عليه أخرجه الحاكم وابن حبان، وأخرج أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما من اشترى ثوبا بعشرة دراهم وفيها درهم من حرام لم يقبل الله عز وجل صلاته ما دام عليه ثم أدخل إصبعيه في أذنيه وقال صمتا إن لم أكن سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله وعن ابن عباس رضي الله عنهما من أكل لقمة من حرام لم يقبل الله عمله أربعين صباحا ومن اكتسب مالا من حرام فإن تصدق به لم يقبل منه وإن خلفه من بعده كان دليله إلى النار ومن أكل الحلال أربعين صباحا نور الله قلبه وأجرى ينابيع الحكمة على لسانه ومن سعى على عياله من حل كان كالمجاهد في سبيل الله وفي الحديث من حج بمال حرام فقال لبيك قال الله تعالى لا لبيك ولا سعديك وحجك مردود عليك وأخرج ابن سعد عن عمر بن عبد العزيز أنه قال يوما قد أكلت الليلة حمصا وعدسا فنفخني فقال له بعض القوم يا أمير المؤمنين إن الله تعالى يقول كلوا من طيبات ما رزقناكم فقال عمر هيهات هيهات ذهبت به إلى غير مذهبه إنما
(١٠٩)