دخوله النار بمجرد فضله تعالى أو بفضله بشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم بلا خلاف أو ممن يشاء الله مع خلاف في أن هذه الشفاعة هل هي مختصة به صلى الله عليه وسلم أو لا كما قدمنا الإعراب مرجو خبر مقدم وشفاعة أهل خير مبتدأ مؤخر لأصحاب متعلق بمرجو مضاف إلى الكبائر وكالجبال إما في محل جر صفة للكبائر نظرا للمعنى أو في محل نصب على الحال منه نظرا للفظه (وحاصل معنى البيت) إن الشفاعة ثابتة للرسل والأخيار في حق أهل الكبائر التي هي كالجبال غير الشرك أو حال كونها كالجبال خلافا لما يزعمه أهل المعتزلة والله أعلم بحقيقة الحال قال الناظم رحمه الله 60 وذو الإيمان لا يبقى مقيما * بشوم الذنب في دار اشتعال ذو بمعنى صاحب وأراد بقوله لا يبقى مقيما أي لا يخلد في النار بسبب شوم ذنبه أي ارتكابه الكبائر كما يقوله بعض المعتزلة والشوم سوء العاقبة والمراد بها أقبح الذنوب أو الذنوب القبيحة التي عاقبتها وبال ونكال وأراد بدار الاشتعال جهنم والمعنى أن من ارتكب من أهل الإيمان كبيرة وإن عظمت ومات مصرا عليها لا يخرج بسببها عن إيمانه ما لم تكن موجبة للكفر وإن دخل النار بسببها وعوقب عليها لا يخلد فيها قال تعالى فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن الخير الإيمان بالله ورسوله وكتابه المنزل فمن وجد منه ذلك ومات عليه يجب أن يرى ثوابه في الجنة وإن كان لمن أهل الكبائر وذلك لا يكون إلا بعد خلاصه من النار إذ الثواب قبل العقاب منتف بالاتفاق فثبت أن المؤمن العاصي لا يخلد في دار الاشتعال أي جهنم وقال تعالى وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات وقال تعالى إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا فإن المؤمن وإن عمل جميع الكبائر غير الكفر لا بد أن يوجد منه عمل الصالحات في الجملة إلى غير ذلك من النصوص الدالة على أن المؤمن من أهل الجنة ابتداء أو مآلا وأنه وإن عمل جميع المعاصي غير الكفر لا يخرج بها عن الإيمان ولا يخلد في النار ويرجى له الغفران وأيضا الخلود في النار من أعظم العقوبات وقد جعل جزاء للكفر الذي هو أعظم الجنايات فلو جوزي به المذنب كما جوزي به الكافر كان زيادة على قدر الجناية قال الشيخ النووي مذهب أهل الحق من السلف والخلف إن من مات موحدا أدخل الجنة
(١٣٠)