أذكره بلساني سبعين مرة،، وذلك أن ملكا لا يكتبها وبشرا لا يسمعها وأجيب عنه بأن ذلك إن صح عليها فهو محمول على أنها قالته قبل اطلاعها على الكتب ثم اطلاع الملكين الموكلين بالعبد على كتب الهم بالقلب على معصية أو طاعة أما بكشف الله تعالى لهما على القلب وما يحدث فيه كما يقع لبعض الأولياء وأما بإعلام الله تعالى أيهما بذلك ويؤيده ما وقع في حديث ابن عمر رضي الله عنه فينادي الملك اكتب لفلان كذا وكذا فيقول يا رب إنه لم يعمل فيقول إنه نواه وأما بريح يظهر لهما من القلب فريح الحسنة طيبة وريح السيئة خبيثة تمتاز بها وعلم بقوله بعددهن أنه لو نوى الارتداد في الحال يصير كافرا في الحال بالأولى ويحتمل كلامه معنى آخر وهو أن من دام على الإيمان دهرا طويلا مع إحسان العمل ثم بعد ذلك نوى الردة يخرج عن الإيمان في الحال ويبطل جميع ما قدمه من الخير لكن المعنى الأول أبلغ والمراد بالنية العزم والتصميم كما قدمنا لأن مجرد الخطور بالبال غير معتبر اتفاقا لأن ذلك ليس في وسع العبد لا يكلف الله نفسا إلا وسعها فلو خطر له مع كراهته وخوف إظهاره بلسانه أو فعله كان مثابا لأنه عين الإيمان ما دام مصمما على التصديق وقد قال عليه السلام إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست به نفوسها ما لم تعمل به أو تتكلم إذ الاحتراز عنه غير ممكن بخلاف العزم والتصميم فإن الاحتراز عنه ممكن ولذا كان عزمه على الكفر ولو بعد سنين يخرجه عن الإيمان في الحال فإن قلت في حديث رواه مسلم والإثم ما حاك في النفس وكرهت أن يطلع عليه الناس قلنا معناه إن كل ما حاك في النفس واستكرهته كان أثمان عند وقوعه لأن النفس بطبعها تحب اطلاع الناس على خيرها وتكره ضد ذلك ولكن قالوا الهم بالمعصية الذي لا يؤاخذ به شرطه أن لا يصر عليه وإلا فهو به آثم وإن تكلم اللسان بخلافه حتى أن الله تعالى يلي في قلوب الناس ما أضمره كما روى محمد بن داود قال حدثنا محمد بن جعفر عن إبراهيم النخعي قال إن الرجل ليتكلم بالكلام وفي كلامه المقت ولكنه ينوي به الخير فيلقي الله تعالى في قلوب الناس الاعتذار عنه حتى يقولوا ما أراد بقوله هذا إلا خيرا وإن الرجل ليتكلم بكلام حسن لا ينوي به الخير فيلقي الله تعالى في قلوبهم حتى يقولوا ما أراد بقوله هذا إلا شرا فعلم به أن العبرة لما في القلب وأن الوسوسة ساقطة الاعتبار وأن الجزم والتصميم هو المعتبر ولذا شرط ذلك في الإيمان بحيث لا يخالطه شئ ينافيه إذ لو كان معه تردد أو تشكيك لم تثبت
(١٠٢)