بين أظهرنا إذ غفا إغفاء ثم رفع رأسه متبسما فقال ما أضحكك يا رسول الله فقال أنزلت على آنفا سورة فقرأ إنا أعطيناك الكوثر ثم قال أتدرون ما الكوثر قلنا الله ورسوله أعلم قال إنه نهر وعدنيه ربي عليه خير كثير وهو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد نجوم السماء يمنع العبد منه فأقول يا رب إنه من أمتي فيقال ما تدري ما أحدث بعدك وروى ابن ماجة الكوثر نهر في الجنة حافتاه الذهب مجراه على الدر والياقوت تربته أطيب من المسك وأشد بياضا من الثلج وظاهر هذا أن الحوض في الجنة والذي قبله يدل على أنه قبلها وأجيب بأنهما اثنان قال الإمام السيوطي نقلا عن القرطبي أن الحوض حوضان الأول قبل الصراط وقبل الميزان على الأصح والثاني في الجنة وكلاهما يسمى كوثرا انتهى والله أعلم قال الناظم رح 59 ومرجو شفاعة أهل خير * لأصحاب الكبائر كالجبال مرجو اسم مفعول من رجوته رجاء بالمد بمعنى الأمل فإنا راج وهو مرجو وهي مرجوة والشفاعة لغة الوسائل وعرفا سؤال الخير للغير مأخوذ من الشفع ضد الوتر من شفع من باب فتح يفتح سميت به لأن الشافع يضم المشفوع له إلى نفسه أو يضم سؤاله إلى سؤاله والكبائر جمع كبيرة والمراد بها ههنا كل معصية غير الشرك وغير الصغائر ولذا وصفها بقوله كالجبال واختلفوا في حدها وضبطها والأحسن ما قيل فيها كل ما كان شنيعا بين المسلمين وفيه هتك حرمة من حرمات الله تعالى فهو كبيرة وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنها تسعة الشرك بالله وقتل النفس بغير حق وقدف المحصنات والزنا والفرار من الزحف والسحر وأكل مال اليتيم بغير حق وعقوق الوالدين المسلمين والإلحاد في الحرم وزاد أبو هريرة رضي الله عنه أكل الربا وزاد علي رضي الله عنه السرقة وشرب الخمر وقيل هو كل ما كان مفسدة مثل شئ مما ذكر أو أكثر منه وقيل هو كل ما توعد عليه الشارع بخصوصه وقيل كل معصية أصر عليه العبد فهي كبيرة وكل ما استغفر عنها فهي صغيرة ويقرب من هذا ما روي أن رجلا سأل ابن عباس رضي الله عنه أسبع الكبائر فقال هي إلى السبعمائة أقرب إلا أنه لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار وقيل هي كل معصية وجب بها حد وهو قول بعض الفقهاء وقال صاحب الكفاية الحق إنهما اسمان إضافيان لا يعرفان بذاتهما فكل معصية أضيفت إلى ما
(١٢٦)