كلامه ولا لغيره من الأحياء كذلك لأنه لا يعرف عواقب الأمور ولا أنه من أهل الجنة ولو فعل جميع الصالحات إذ لا يعلم أنه يخرج من الدنيا بالإيمان أو لا بل يكون بين الخوف والرجاء ويجوز أن يقول إن المؤمن في الجنة بلا شك لأن من جملتهم الأنبياء عليهم السلام والشهداء والصالحين ويقول إن الكافر في النار وإن أشار إلى أحد بعينه فإن كان المشار إليه نبيا أو رسولا أو من شهد له الكتاب أو السنة الجنة أو بالنار جاء القطع بلا شك وإلا فلا والله أعلم. قال الناظم رحمه الله 20 يراه المؤمنون بغير كيف * وإدراك وضرب من مثال الضمير البارز في يراه لغير مذكور لكنه معلوم ذهنا بقرينة المقال أو المذكور إجمالا في قوله ونعمى إذا أراد بها رؤيته تعالى على ما قدمنا والكيف: ما هو من صفات الأجسام وتوابع المزاج والتركيب والحرارة والرطوبة واليبوسة ونحو ذلك سمي كيفا لأنه يسئل عنه بكيف هو فيقال أحمر أو أصفر وغير ذلك كما علم في المقولات العشرة وإدراك الشئ العلم بحقيقته على ما هو عليه وضرب المثال أراد به نوعا من المثل أي التشبيه يعني أنه اتفق أهل السنة والجماعة على أن لقاء الله تعالى ورؤيته لأهل الجنة في دار الآخرة حق ثابت بدليل قطعي والعقل أيضا يجوز ذلك فهو ممكن سمعا وعقلا خلافا لمن أنكر ذلك ممن أضله الله فيجب اعتقاد أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة قبل دخولهم الجنة وبعده بعين الرأس بالشبه ولا كيف ولا إدراك حقيقة ونهاية وإحاطة ومماسة ولا في مكان أو على مكان بل كما عرفوه في الدنيا عقلا وقوله تعالى لا تدركه الأبصار إنما ينفي الإدراك ولا ينفي نفس الرؤية ولا يلزم من نفيه نفيها ثم إن استدلال أهل الحق على إمكان الرؤية بوجهين عقلي وسمعي ردا على من أنكر وقوع الرؤية لكن أطبق المحققون على أن إثبات صحة الرؤية بالأدلة العقلية لا يخلو من شوب والمعتمد في ذلك هو السمع وهو مختار الشيخ الإمام أبي منصور الماتريدي ولذا اقتصر كثير من المحققين في الاستدلال على الأدلة السمعية التي أقواها قوله تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة فهي صريحة في رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة ومن الأحاديث الشاهدة على ذلك قوله عليه السلام إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر يوم القيامة وهو حديث مشهور رواه أحد وعشرون من أكابر الصحابة رضي الله عنهم وزيد في رواية لا تضامون في رؤيته أي لا تشكون
(٤١)