يستلزم انتفاء الكل مبني على أن الإقرار شطر وهو خلاف الراجح ولو سلم فإن ذاك إنما هي في الماهية الحقيقية لا الاعتبارية و إذا سقط الإقرار في الجملة ولم يعتبر كان التصديق فقط نفس الإيمان فمن صدق حق التصديق كان مؤمنا عند الله وإن توقف إجراء الأحكام عليه على الإقرار باللسان على ما قدمنا قال السعد رحمه الله والإجماع منعقد على إيمان من صدق بقلبه وقصد الإقرار باللسان ومنعه مانع من خرس ونحوه انتهى فلا تكون أفعال أفعال الخير داخلة في ذات الإيمان وإن حصل بها كماله ولذا قيد الناظم بقوله مفروض الوصال دفعا لما يتوهم من نفي كونها من الإيمان أن لا يكون لها تعلق به أصلا فأفاد أن المنفي كونها من حقيقة الإيمان وليست متصلا به كاتصال الجزء بالكل وإلا فلها تعلق بكماله فافهم الإعراب ما بمعنى ليس أفعال اسمها مضاف إلى خير في حساب في محل نصب خبر ما ومن الإيمان متعلق بحساب أي ليست محسوبة ويصح أن يجعل الظرف الثاني خبر ما وفي حساب في محل نصب حال من الإيمان قدمت عليه ومفروض الوصال حال أخرى من الإيمان وحذفت تنوينه وأضيف والأصل مفروضا وصاله فأل في الوصال عوض عن الضمير أو حال من أفعال خير وحذفت منه التاء للضرورة والتقدير مفروضة الوصال وفائدة التقييد بها أنه لما نفى الخير أن يكون من الإيمان أو هم أن لا يكون به تعلق أصلا فدفعه بصرف النفي إلى هذا القيد كما قدمنا وإلا فكمال الإيمان إنما هو بالأعمال (وحاصل معنى البيت) أن الأعمال الصالحة كالعبادات ليست عندنا داخلة في مفهوم الإيمان ولا محسوبة منه مفروضة الاتصال لأنه تعالى عطفها على الإيمان بقوله إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات والمعطوف غير المعطوف عليه وجعله شرطا لها بقوله: ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن والشرط غير المشروط له وخاطب بوجوب الإيمان قبل وجوب الأحكام بقوله: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم فلو كانت من جملة الإيمان لما سماهم بالمؤمنين قبل وجودها ولما نزل فرضية شظ منها إلا بعد وجود الإيمان وقد أثبت الإيمان لمن ترك بعض الأعمال بقوله تعالى: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأثبت لهم الإيمان مع وجود المقاتلة التي هي بعض الأعمال وفسره عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم حين سئله جبرائيل ما الإيمان بقوله أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ولم يذكر الأعمال ولو كانت داخلة في حقيقته لذكرها خصوصا والمقام مقام
(٩٦)