لفظي إذ من قال بتقديم خلقها أراد خلقها في عالم الذر وذلك لا نزاع فيه إذ المخاطب بالست بربكم إنما هو الأرواح وأين كانت الأجساد ح ومن قال بتأخيرها أراد نفخها في الجسد وذاك لا نزاع فيه لحديث الصحيحين: إن أحدكم يجمع خلقة في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح الحديث قال ابن القيم الملك وحده يرسل إليه ولم يقل ثم يرسل الملك إليه بالروح فيدخلها في بدنه لأن الله تعالى أرسل إليه الروح التي كانت موجودة قبل ذلك بالزمن الطويل انتهى فافهم واختلف أيضا في مقرها حال الحياة فجزم الغزالي إنه القلب قال السيوطي وقد ظفرت بحديث يشهد له أخرجه ابن عساكر في تاريخه وانظر ما قاله الغزالي فإنه لا يتأتى على قول الجمهور من المتكلمين من أنها جسم لطيف شفاف لذاته سار في البدن كماء الورد واستظهر بعض المتكلمين أنها بقرب القلب وأما مقرها بعد الوفاة فأرواح الأنبياء عليهم السلام في الجنة لقوله تعالى أولئك المقربون في الجنات النعيم وأرواح السعداء من المؤمنين قيل إنها في أفنية القبور قال بعض العلماء وهو الأصح قال ابن عبد البر وهي مع ذلك مأذون لها في التصرف وتأوي إلى محلها في عليين أو سجين وقوله كالماء الزلال الماء هو الجوهر السيال المتلون بلون إنائه والعذب منه به حياة كل نام بأمر الله ولذا بالغ في وصف نظمه بتشبيهه به بجامع إحياء النفوس (وحاصل معنى البيت) إن هذا النظم تفرح به القلوب وترتاح له وتطرب كما تفرح بالبشرى السارة المصحوبة بالراحة ويحيى به الأرواح الإنسانية من إماتة الجهل والعقائد الظلمانية كما يحيى الماء العذب الأرض بعد موتها وتنتعش به النفس عند ظلمائها وفيه من البديع الجناس التام بين روح وروح قال الناظم رح 64 فخوضوا فيه حفظا واعتقادا * تنالوا حسن أصناف المنال خوضوا فعل والفاء فيه فصيحة من الخوض وأصله الدخول في الماء ثم استعمل في الدخول في كل حديث محظور أو مهم قال تعالى حتى يخوضوا في حديث غيره والمراد هنا الاعتناء في تعاطي هذه القصيدة المشتملة على ما يجب الاعتناء به مما يخلص العقائد من الكدورات والشكوك وفيه متعلق بخوضوا والضمير راجع إلى الكتاب وحفظا نصب على التمييز وكذا اعتقادا فهو كالقيد للأول إذ لا فائدة
(١٣٧)