موته على الكفر وبغير عينه يجوز كقوله تعالى ألا لعنة الله على الظالمين وقوله عليه السلام لعن الله آكل الربا وموكله الحديث ونحو ذلك ومن المحقق أن يزيد لم يخرج عن كونه من المصلين وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن لعن المصلين وقد توسع بعضهم وقالوا نحن لا نتوقف في لعنه لما صدر منه وقال السعد التفتازاني على العقائد رحمه الله واختلفوا في لعن يزيد بن معاوية فذكر في الخلاصة وغيرها أنه لا ينبغي اللعن عليه ولا على الحجاج لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لعن المصلين ومن كان مه أهل القبلة وما نقل من لعن النبي صلى الله عليه وسلم لبعض من أهل القبلة فلما أنه يعلم من أحوال الناس ما لم يعلمه غيره وبعضهم أطلقوا اللعن عليه لما أنه كفر حين أمر بقتل الحسين رضي الله عنه واتفقوا على جواز اللعن على من قتله أو أمر به أو أجازه أو رضي به والحق إن رضا يزيد بقتل الحسين واستبشاره بذلك وإهانته أهل بيت النبوة مما تواتر معناه وإن كان تفاصيلها آحادا فنحن لا نتوقف في شأنه بل في إيمانه لعنة الله عليه وعلى أنصاره وأعوانه انتهى فتدبر ونقل علي قاري رحمه الله الباري أيضا عن بعض العراقيين لعنة لما أنه كفر بما استحل من محارم الله بفعله في أهل البيت ثم قال ولا يخفى أن الاستحلال أمر قلبي غائب عن ظاهر الحال ولو فرض وجوده أو لا يحتمل أنه مات تائبا آخرا فلا يجوز لعنه باطنا ولا ظاهرا انتهى والحاصل إن الظاهر من كلامهم أن الاختلاف في جواز لعنه مبني على أنه هل كفر بذلك حيث ثبت صدوره منه أو لا وذلك مبني على أنه هل استباح ذلك أم لا ولم يظهر لنا حقيقة الحال فأولى لنا السكوت عن شأنه فإنه أسلم وأورع على أنا لم نكلف بلعنه ولا نسأل بتركه في الآخرة فلا يضرنا السكوت عنه مع أن لعنه يوجب السؤال وإن لم يكن فيه نكال غاية الأمر أنه يجب علينا الإنكار ما وقع منه من قبيح الأفعال لأنه مسبب على كل حال والله أعلم بحقيقة الحال.
تتمة يجب الكف عما وقع بين الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ونعتقد أن الكل مأجورون إذا الطعن فيهم إن كان مما يخالف الدليل القطعي كقذف عائشة رضي الله عنها أو سب أحد الشيخين فهو كفر وإلا ففسق واعتزال ما لم يكن من الطاعن عن اجتهاد ممكن فجائز منه كقول علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه في حق معاوية رضي الله عنه وأهل الشام إنهم إخواننا بغو علينا وفي الجملة لم ينقل عن أحد من السلف المعتبرين جواز التكلم في حق معاوية وأمثاله لأنهم كانوا مجتهدين والمجتهد مأجور وإن أخطأ ولم يسلم إن أمرهم