عن أحمد أن رجلا سأله أصلي خلف من يشرب الخمر فقال لا فقال أصلي خلف من يقول إن القرآن مخلوق فقال سبحان الله أنهاك عن مؤمن وتسألني عن كافر انتهى والعلم أن هذه المسألة قد انتشر فيها الكلام جدا وهي مما وجه بها تسمية هذا العلم بالكلام لأنها أشهر مباحثها وأكثرها جدالا حتى أن بعض أهل الحق قتل لما لم يقل بخلق القرآن والمحنة بذلك وقعت في زمن الخلفاء العباسيين وأول من أظهر القول بخلق القرآن المأمون بن السيد هارون الرشيد في سنة 214 بعد وفاة الإمام الشافعي رحمه الله بنحو تسع سنين فأجاب كرها أكثر من دعاه إلى ذلك وامتنع الخائفون من عذاب الله تعالى فحبس وأهين منهم أبو مسهر الغساني إلى أن مات في أيام المعتصم ثم لما ولي أخوه المعتصم أبو إسحاق محمد بن هارون الرشيد شدد المحنة وضرب الإمام ثم لما ولي ابنه هارون بالغ في المحنة بإشارة ابن داود وقتل نصر بن أحمد الخزاعي بسبب ذلك وفي تلك السنة مات أبو يعقوب يوسف البويطي في السجن كما أعلمه بذلك الإمام رحمه الله عند موته بأنه يموت في قيوده ويقال إن الواثق تاب عن ذلك في آخر عمره ثم لما ولى المتوكل جعفر بن المعتصم كشف المحنة وقمع البدعة وأكرم الإمام أحمد كما في شرح ابن الفرس النجاري تتمة اللفظ الدال على الكلام النفسي إن كان عربيا فالقرآن الكريم الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وإن كان عبرانيا فالتوراة الذي أنزل على موسى عليه السلام وإن كان قبطيا فالزبور الذي أنزل على داود عليه السلام وإن كان سريانيا فالإنجيل الذي أنزل على عيسى عليه السلام فالاختلاف في العبارات الحادثة لا في كلامه تعالى الإعراب ما نافية بمعنى ليس القرآن اسمها ومخلوقا خبرها ويصح رفعه على عدم أعمالها وكلام الرب فاعل تعالى وعن جنس المقال متعلق بتعالى (وحاصل معنى البيت) إنه يجب على المكلف أن يعتقد أن القرآن الذي هو كلام الله تعالى قديم منزه عن الحدوث وعن جنس قول البشر وعن الحروف والأصوات وأن القائل بخلقه وحدوثه فهو كافر فإن المقروء بألسنتنا المكتوب في مصاحفنا حادث دال على كلامه القديم قال الناظم رحمه الله 12 ورب العرش فوق العرش لكن * بلا وصف التمكن واتصال يعني أنه يجوز أن يقال إن الله تبارك وتعالى فوق العرش لقوله تعالى الرحمن على العرش استوى لكن نعتقد أن ذلك الاستواء لا كاستواء الأجسام وأن تلك الفوقية لا كالفوقيات المقتضية للجهات والمماسة والمحاذاة وارتفاع الجسم على الجسم والتمكن فإن ذلك محال في حقه تعالى بل تفوض حقيقة العلم بذلك إليه تعالى معتقدين الفوقية مع جهلنا بحقيقة الكيفية
(٢٧)