والثاني أن يكون فاعل يعطى محذوفا لما ذكرنا ونائب فاعله مستتر يرجع إلى الناس في البيت السابق وهو مفعوله الأول والكتب مفعوله الثاني ويكون بعضا وبعضا بدلا أما من نائب الفاعل باعتبار المحل أو من الكتب بدل مفصل من مجمل ويصح أن يكون مبنيا للفاعل وفاعله مستتر يرجع إلى الله والكتب أحد مفعوليه والثاني محذوف أي الناس وبعضا وبعضا بدل من أحدهما ويصح أن يكون بالتاء الفوقية مبنيا للمفعول ونائب فاعله مستتر يرجع إلى الناس والكتب مفعوله الثاني أو الكتب نائب الفاعل ومفعوله الثاني بعضا وبعضا أو محذوف أي الناس وبعضا وبعضا بدل منه ونحو ظرف بمعنى الجهة متعلق بيعطى مضاف إلى يمنى ومثله نحو ظهر، والشمال عطف على ظهر (وحاصل معنى البيت) أن حساب الناس بعد البعث على أعمالهم حق وأن الله يعطي الناس كتبهم التي ضبط فيها أعمالهم بعضهم من جهة يمينه وبعضهم من جهة شماله من وراء ظهره أو يعطيهم كتبهم بعضا من جهة اليمين وبعضا من جهة الشمال كما أخبر الكريم المتعال قال الناظم رحمه الله تعالى رحمة واسعة:
58 وحق وزن أعمال وجري * على متن الصراط بلا اهتبال الوزن مصدر وزن ومنه الميزان آلته ومتن الصراط ظهره وأراد هنا بالاهتبال الكذب أي بلا كذب قال في القاموس اهتبل كذب كثير يعني أن كلا من وزن الأعمال والمرور على الصراط حق ثابت وقوعه بالنصوص من غير كذب فيجب اعتقاد وقوعه لثبوته بالكتاب وألسنة وإجماع محققي الأمة قال تعالى والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون وقال تعالى فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية وأما من خفت موازينه فأمه هاوية وما أدراك ماهية نار حامية إلى غير ذلك وقد بلغت أحاديثه مبلغ التواتر. انعقد إجماع أهل الحق على وقوع الوزن وإن اختلف في كيفية الميزان وذهب جمع من المحققين إلى أنه ميزان حسي له كفتان ولسان توضع فيه صحف أعمال العباد الإظهار العدل بين رابح وخاسر لا لاحتياج إليه قال العلامة رحمه الله في شرح العقائد والميزان عبارة عما يعرف به مقادير الأعمال والعقل قاصر عن إدراك كيفيته انتهى وهو موافق