كلهم كانوا مؤمنين من أول الفطرة معصومين عن الكبائر عمدا وسهوا قبل البعثة وبعدها وعن الصغائر عمدا وأنهم في أمان من الانعزال عن مرتبة النبوة والرسالة وأنهم كانوا مخبرين عن الله تعالى مبلغين كما أمروا صادقين فيما أخبروا به ناصحين مبشرين لأهل الإيمان والطاعة بالجنة والثواب ومنذرين لأهل الكفر والعصيان بالنار والعقاب ومبينين للناس ما يحتاجون إليه من أمر دينهم ودنياهم وأن الله تعالى أيديهم بالمعجزات الناقضات للعادات وأمنهم من سلب المقامات وعصمهم من الوقوع في المعاصي والسيئات وهذا بخلاف حال الأولياء فإنهم قد تسلب منهم الولاية كما يسلب الإيمان من المؤمن في الخاتمة نسئل الله حسنها وقد سئل الجنيد رحمه الله تعالى هل يزني العارف بالله تعالى فقال وكان أمر الله قدرا مقدورا لكن ذكر بعضهم أن من رجع إنما رجع من الطريق لا من وصل إلى فريق وحقق حق التحقيق كما قال بعض المشايخ الإيمان إذا دخل القلب وتمكن حق التمكن أمن من السلب وإليه يشير قوله تعالى فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها وما رواه أبو سفيان في حديث هرقل رضي الله عنه وكذا الإيمان إذا تخلط بشاشة القلوب لا يسخط أبدا رواه البخاري كما في علي قاري والله أعلم قال الناظم رحمه الله 29 وما كانت نبيا قط أنثى ولا عبد وشخص ذو افتعال يعني أن الأنبياء عليهم السلام كلهم كانوا من آدم ذكورا أحرارا لأنهم أكرم الخلق على الله فلا بد أن يكونوا من أفضل أنواع المخلوقات وهم بنو آدم كما قال تعالى ولقد كرمنا بني آدم وأفضلهم الذكور الأحرار وأفضلهم المتقون والمعصومون عن الكبائر والصغائر وهم الأنبياء عليهم السلام فلا رسول من الجن عند جماهير العلماء وأما قوله تعالى ألم يأتكم رسل منكم فالمراد من أحدكم وهو الأكرم على حد قوله تعالى يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان وإنما يخرج من أحدهما وقوله وجعل القمر فيهن نورا ولا من الملائكة بالنسبة إلى نبينا عليه السلام لأنه مرسل إليهم على الأصح عند جمع من المحققين كما يدل عليه خبر مسلم وأرسلت إلى الخلق كافة ولا من النساء لأنهن ناقصات العقل وقاصرات عن التبليغ وأمور النبوة من الخروج إلى المحافل والمجامع والتكلم مع كل أحد وأما مريم وآسية وسارة وهاجر وحواء وأم موسى
(٦٤)