رحمهم الله منعوا الكبائر عمدا كانت أو سهوا وجوزوا الصغائر سهوا أي ما لم يكن فيه خسية ثم قال وأما ما نقل عنهم فهو إما بسهو أو نسيان أو محمول على ترك الأولى واشتباه المنهي بالمباح انتهى وإلى هذا أشار المص رحمه الله بقوله عمدا وقد توسع السعد رحمه الله ههنا قال وهذا إشارة إلى أن الأنبياء معصومون عن الكذب خصوصا فيما يتعلق بأمر الشرايع وتبليغ الأحكام وإرشاد الأمة إما عمدا فبالإجماع وإما سهوا فعند الأكثرين وفي عصمتهم عن سائر الذنوب تفصيل وهو أنهم معصومون عن الكفر قبل الوحي وبعده بالإجماع وكذا عن تعمد الكبائر عند الجمهور خلافا للحشوية وإنما الخلاف في امتناعه بدليل السمع أو العقل وأما سهوا فجوزه الأكثرون وأما الصغائر فتجوز عمدا عند الجمهور خلافا للجبائي وأتباعه وتجوز سهوا بالاتفاق إلا ما دل على الخسة كسرقة لقمة والتطفيف بحبة لكن المحققون اشترطوا أن ينبهوا عليه فينتهوا عنه هذا كله بعد الوحي وأما قبله فلا دليل على امتناع صدور الكبيرة انتهى فتأمل ثم قال وذهب بعض المعتزلة إلى امتناع الكبيرة لأنها توجب النفرة المانعة عن اتباعهم فتفوت مصلحة البعثة انتهى قلت والقول الذي نسبته إلى المعتزلة المؤدي إلى تقرير عصمتهم أظهر مما قاله فتدبر والله أعلم والحق منع وقوع الكبائر منهم مطلقا ومنه ما يوجب النفرة كقهر الأمهات والفجور والصغائر الدالة على الخسة مطلقا وأما ما ليس فيه خسة منها فجوزه بعضهم سهوا كما قدمنا وهذا الذي يجب اعتقاده في حقهم عليهم السلام فافهم ومنع الشيعة صدور الصغيرة والكبيرة قبل الوحي وبعده مطلقا إذا تقرر هذا فما نقل عن الأنبياء عليهم السلام مما يشعر بكذب أو معصية فما كان منقولا بطريق الآحاد فمردود وما كان منقولا بطريق التواتر فمصروف عن الظاهر إن أمكن وإلا فمحمول على ترك الأولى فليعتقد هذا الكلام في هذا المقام في حق صفوة الأنام عليهم الصلاة والسلام وتفصيل ذلك في الكتب المبسوطة في علم الكلام الإعراب إن بكسر الهمزة عطف على حق في البيت المتقدم أو مستأنفة أو بفتحها عطف على أمر معراج وهي حرف مشبهة بالفعل والأنبياء اسمها ولفي أمان خبرها وعن العصيان متعلق بأمان وعمدا منصوب على التمييز أو على الحال وانعزال عطف على العصيان (وحاصل معنى البيت) إنه يجب اعتقاد أن الأنبياء عليهم السلام
(٦٣)