فكان أكثر خطبته ذكر الدجال فحدثنا عنه حين فرغ عن خطبته فكان فيما قال لنا يومئذ إن الله تعالى لم يبعث نبيا إلا حذر أمته الدجال وإني آخر الأنبياء وأنتم آخر الأمم وهو خارج فيكم لا محالة فإن يخرج وأنا بين أظهركم فأنا حجيج كل مسلم وإن يخرج فيكم بعدي فكل امرئ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم إنه يخرج من حلة بين الشام والعراق فعاث يمينا وعاث شمالا عباد الله أثبتوا فإنه يبدأ فيقول أنا ربكم وإنكم لن ترون ربكم حتى تموتوا وإنه مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن فمن لقيه منكم فليتفل في وجهه وليقرأ فواتح سورة الكهف وإنه يسلط على نفس من بني آدم فيقتلها ثم يحييها وإنه لا بعد ذلك ولا يسلط على نفس غيرها وإن من فتنته أن معه جنة ونارا فمن ابتلى بناره فليغمض عينه وليستعن بالله تكن عليه بردا وسلاما وإن من فتنته أن يمر على الحي فيؤمنوا به فيدعوا لهم فتمطر السماء عليهم من يومهم وتخصب لهم الأرض من يومها وتروح عليهم ماشيتهم من يومها أعظم ما كانت وامده خواصر وأدرها ضروعا ويمر على الحي فيكفروا به ويكذبوه فيدعو عليهم فلا يصبح لهم سارح يسرح وأن أيامه أربعون يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كالأيام وآخر أيامه كالسراب تقدرون الأيام الطوال ثم تصلون يصبح الرجل عند باب المدينة فيمسي قبل أن يبلغ الباب الآخر قالوا كيف نصلي يا رسول الله في تلك الأيام القصار قال تقدرون فيها ثم تصلون رواه الحاكم في مستدركه ثم بعد أن يقتله عيسى عليه السلام لم يبق أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته حتى تكون الملة واحدة وهي ملة الإسلام ولم تقبل حينئذ الجزية ويقع إلا من في الوجود وترتع الإبل مع الأسود والنمور مع البقر والذئاب مع الغنم وتلعب الصبيان بالحيات ويلبث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون ويدفنونه وفي رواية أنه يمكث سبح سنين وهي الصواب والمراد بالأربعين في الرواية الأولى أنه مدة مكثه قبل الرفع وبعده فإنه رفع وله ثلاث وثلاثون سنة وروي غير ذلك قال بعض المشايخ رحمه الله والصحيح أنه لم يمت قبل رفعه والوفات أتت في القرآن على ثلاثة أشياء وفات موت كقوله تعالى الله يتوفى الأنفس حين موته ووفاة نوم كقوله تعالى والتي لم تمت في منامها ووفاة رفع وهي المراد بقوله تعالى يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي واعلم أنه يجب
(٧٠)