أفصح من تشديدها وهي لاستغراق ما مضى من الزمان وتختص بالنفي يقال ما فعلتها قط وبعض العامة لا أفعله قط وهو ولحن واشتقاقه من قططت الشئ أي قطعته فمعنى ما فعلته قط ما فعلته فيما انقطع من العمر لأن الماضي منقطع عن الحال فيكون قوله دهرا تأكيدا والدهر هو الزمان كما قدمنا وتقدم أيضا معنى النبي والرسول والانتحال افتعال قيل هو الادعاء الكذب وقيل المراد به مرتبة الشرف وهذا حل مراد لا حل معنى لما في القاموس أنحله وتنحله ادعاه لنفسه وهو لغيره ونحله القول كمنعه نسبه إليه انتهى فالمعنى ههنا أن الولي مهما نسب إليه من الكرامات وإن عظمت لم يجز أن يدعي أن مرتبته تعدل مرتبة نبي أو رسول وقيل معناه العطية يعني أنه مأخوذ من النحلة أي العطية لأن الكرامة عطاء الله تعالى ثم اعلم أن كلام المص رحمه الله لا يخلو عن مسامحة لأن نفي التفضيل يصدق بالمواساة ولا قائل به أيضا فكان الأولى تبديل كلمة يفضل بيعدل أو نحوها أو أن يقول ومرتبة الولاية لا توازي لمرتبة النبوة في انتحال وقد يقال كان مراده الرد على القائل بذلك فصرح به كما سنذكره الإعراب يفضل مجزوم بلم وولي فاعله وقط ظرف زمان ودهرا منصوب على الظرفية أيضا والعامل فيهما يفضل فهو من ذكر العام بعد الخاص ونبيا مفعول يفضل واو بمعنى الواو بمعنى بل فتكون للإضراب لأن الولي إذا لم يفضل النبي لم يفضل الرسول بالأولى وهذا بناء على ما في بعض النسخ من تقديم رسولا على نبيا فيكون المعنى لا يفضل الولي رسولا بل ولا نبيا فضلا عن رسولا وأما على ما في أكثرها من تقديم نبيا فيتعين أن تكون بمعنى الواو أو بمعنى ولا على ما قاله ابن مالك في وقوعها في مثل ذلك وإن ردة ابن هشام أي لم يفضل الولي نبيا ولا رسولا وهذا مستقيم على النسختين وفي انتحال متعلق بيفضل (وحاصل معنى البيت) إن الولي وإن علت رتبته وعظمت كرامته لا يفضل نبيا ولا رسولا ولا يساوي ولا يبلغ مرتبة أحدهما في زمن من الأزمنة أو لم يقع ذلك في جميع الدهر لأن الولي إنسان صالح تابع لسنة الرسول ولا يصح أن يكون التابع أعلى من المتبوع أو في رتبته وقد قال عليه السلام في حق أبي بكر رضي الله عنه ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيين أفضل من أبي بكر،، فإن فيه دلالة صريحة على أن النبي أفضل من أبي بكر مع أن أبا بكر أفضل من غير الأنبياء فيكون النبي أفضل من سائر الأولياء
(٧٥)