بالضرورة وقد خالف في ذلك بعض الصوفية من أهل الإباحة فقال مرتبة الولي الكامل من الكمل أفضل من النبي وهو كفر وزندقة فقد قال تعالى في حق الأنبياء عليهم السلام وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار، وكثير من الآيات شاهد على ذلك واعلم أن من وصل إلى درجة الأولياء وارتفعت منزلته بحيث بلغ أقصى مراتب الولاية لا يسقط عنه التكاليف والعبادات المفروضة كالصلاة والزكاة والحج والصوم وحقوق العباد ومن زعم أن من صار وليا ووصل إلى الحقيقة تسقط عنه أحكام الشرع فهو ملحد فاحذره كل الحذر فإن العبادات لم تسقط عن الأنبياء الذين هم في أمان عن الانعزال فكيف تسقط عن الأولياء الذين ليسوا في أمان عن ذلك على أن دعوى مثل ذلك لا يصدر عن ولي بحق لأنه لا يكون إلا عالما ما اتخذ الله وليا جاهلا فدعوى مثل ذلك يدل على جهله وبعده عن الإسلام فضلا عن مرتبة الولاية وأكثر ما يوجد هذا النوع في زماننا بالديار المصرية فإنهم يتوسلون بترك العبادات وكشف العورات إلى قضاء الشهوات ويزعمون الولاية وهم مكلفون والجهلة بهم يتبركون. ومنهم الدجالون وأكثر ما يوجدون بالديار الرومية يدعون الكشف وعلم الغيب ويخبرون بما سيكون ليتوسلوا بذلك إلى السحت والقبول عند الرؤساء وهم عندهم في أعلى المراتب والقبول ويصدقونهم فيما يزعمون وقد قال عليه السلام من أتى كاهنا فصدقه فيما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم أو كما قال ولما أراد علي رضي الله عنه لقاء الخوارج قال له مسافر بن عوف وكان يعمل بالنجوم يا أمير المؤمنين لا تسر في هذه الساعة وسر في ثلاث ساعات تمضي من النهار فإنك إن سرت في هذه الساعة أصابك وأصاب أصحابك بلاء وضرر وإن سرت في الساعة التي أمرتك بها ظفرت وأصبت ما طلبت فقال علي رضي الله عنه ما كان ذلك لمحمد صلى الله عليه وسلم ولا لنا من بعدة في كلام طويل يحتج فيه بآيات فمن صدقك فيما تقول لا أؤمن عليه أن يكون كمن اتخذ لله تعالى ندا اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك ثم قال نكذبك ونخالفك ونسير في هذه الساعة ثم أقبل الناس فقال أيها الناس إنما المنجم كالساحر والساحر كالكافر والكافر في النار والله لئن بلغني أنك تنظر في النجوم وتعمل بها لأخلدنك في الحبس ما بقيت وبقيت ولأحرمنك العطاء ما كان لي من سلطان ثم سار في الساعة التي نهاه عنها فلقى القوم وقتلهم وهي واقعة النهروان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. قال الناظم رحمه الله:
(٧٦)