له ولا فائدة للتوبة والاستغفار مع التلبيس بالمعصية والاصرار عليها ففي الحديث المستغفر من الذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربه وقوله عليه السلام التوبة ندم أي معظم شروطها الندم لا مجرد الندم قال العلامة ابن العماد وشروطها المذكورة مأخوذة من القرآن أما الندم فمأخوذ من قوله تعالى والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم وأما الاقلاع وترك العود ورد المظلمة فمستفاد من قوله ولم يصروا على ما فعلوا لأن من لم يقلع عن الذنب فهو مصر عليه ومن أقلع وعزم على العود بعد مدة فهو مصر أيضا وكذا من عزم على ترك العود مطلقا لكن أمسك ما غصبه مثلا ولم يرد فهو مصر وفي هذا الأخير نظر فتدبر وزاد بعضهم في الشروط وقوع التوبة في وقتها وهو ما قبل الغر غرة لما رواه الترمذي وحسنه عنه عليه السلام أنه قال إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغر غر أي تبلغ روحه حلقومه قيل هذا عند الأشاعرة وأما عندنا فإنما يشترط عدم الغر غرة في إيمان الكافر دون توبة المؤمن العاصي عملا بالاستصحاب إذ المؤمن قد سبق منه المعرفة والكافر يريد أن ينشئ إيمانا ح فلا يقبل منة فتوبة اليأس مقبولة عندنا لا إيمانه انتهى وقدمنا الكلام فيه مفصلا فارجع إلى تحقيقه وزاد بعضهم شرطا آخر وهو أن تقع التوبة قبل ظهور الآيات كطلوع الشمس من مغربها ثم اعلم أن توبة الكافر من كفره مقطوع بقبولها وأما ما سواها من أنواع التوبة هل قبوله قطعي أو ظني فيه خلاف بين أهل السنة فأختار إمام الحرمين أنه ظني واختار بعضهم أنه قطعي فمن اختار الأول نظر إلى نحو قوله تعالى: ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن اختار الثاني نظر إلى قوله تعالى: فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وقوله تعالى: وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات من غير تعليق وهو الأظهر وحاصله إن الناس على قسمين لا ثالث لهما ولا واسطة بينهما عند أهل السنة مؤمن وكافر فالكافر في النار إجماعا والمؤمن على قسمين طائع وعاص فالطائع في الجنة إجماعا والعاصي على قسمين تائب وغير تائب فالتائب في الجنة إجماعا خلافا لإمام الحرمين كما قدمنا وغير التائب من المعاصي غير الكفر كبيرة كانت أو صغيرة مات مصرا عليها فهو في مشية الله تعالى إما أن يعاقبه بإدخاله النار ثم يدخله الجنة وإما أن يسامح بعد
(١٢٩)