عليه شئ في ملكه ويجوز عليه سبحانه أن يعذب المطيع ويثيب العاصي إذ الكل ملكه وعبيده فيتصرف في ملكه كيف يشاء ويحكم ما يريد لكنه تعالى وعد الطائع بالثواب والعاصي بالعقاب والكريم إذا وعد وفي كرما وفضلا قال تعالى إن الله لا يخلف الميعاد وقال تعالى وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون فإن قلت ظاهر الآيتين ونحوهما من النصوص يفيد بظاهره أن الأعمال سبب لدخول الجنة فيؤيد ما ذهب إليه المعتزلة من أن دخول الجنة إنما هو بسبب الأعمال وأنه يجب إثابة الطائع وعقاب العاصي على ما ذهبوا إليه أجيب بأن المراد بالجنة فيهما جنة خاصة أي تلك الجنة الخاصة الرفيعة بسبب الأعمال وأما نفس الدخول فبالرحمة فالمقابل بالعمل إنما هو زيادة الدرجات ورفع المقامات لا نفس الدخول أو أن الباء للملابسة أي أورثتموها ملابسة لأعمالكم أي لثواب أعمالكم أو للعوض والمقابلة والمعطى بعوض يعطى مجانا لا للسببية لأن المسبب لا يجود بدون السبب فالعمل نفسه لا يستحق به أحد الجنة ولا ينال به زيادة الدرجات وأيضا ما لم يكن مقبولا والقبول إنما يحصل برحمة الله لحديث البخاري لن يدخل أحدكم الجنة بعمله قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته وفي رواية لن يدخل أحدا منكم الجنة عمله ولو سلم كون الباء للسببية وأخرج الحاكم وصححه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خرج من عندي جبرائيل آنفا فقال يا محمد والذي بعثك بالحق إن لله تعالى عبدا من عباده عبد الله عز وجل خمسمائة سنة على رأس جبل في البحير عرضه وطوله ثلاثون ذراعا في ثلثين ذراعا والبحر محيط به أربعة آلاف فرسخ من كل ناحية وأخرج له عينا عذبة بعرض الإصبع تنبض بماء عذب فتستنفع في أسفل الجبل وشجرة رمان تخرج كل ليلة رمانة يعبد الله يومه فإذا أمسى نزل فأصاب من الوضوء وأخذ تلك الرمانة فأكلها ثم قام لصلاته فسأل ربة عند وقت الأجل أن يقبضه ساجدا قال ففعل فنحن نمر عليه إذا هبطنا وإذا عرجنا فنجد له في العلم أنه يبعث يوم القيامة فيوقف بين يدي الله تعالى فيقول الرب جل جلاله ادخلوا عبدي الجنة برحمتي فيقول يا رب بل بعملي فيقول تعالى قايسوا عبدي بنعمتي عليه وبعمله فيقايسونه فتوجد نعمة البصر قد أحاطت بعبادة خمسمائة سنة وبقيت نعم الجسد فضلا عليه فيقول الرب ادخلوا عبدي النار فيخرج إلى النار فينادي يا رب برحمتك أدخلني الجنة فيقول ردوه فيوقف بين يديه
(١٣٣)