إنما أبطأ بك عملك ثم يؤذن في الشفاعة فيكون أول شافع روح القدس جبرائيل ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى ثم يقول نبيك رابعا لا يشفع بعده أحد فما الظاهر فيما يشفع فيه وهو المقام المحمود الذي ذكره الله تعالى فليس من نفس إلا وهي تنظر إلى بيت في الجنة أو بيت في النار وهو يوم الحسرة ثم تشفع الملائكة والشهداء والصالحون والمؤمنون فيشفعهم ثم يقول الله تبارك وتعالى أنا أرحم الراحمين فيخرج من النار أكثر مما أخرج منها من جميع الخلق برحمته فإذا أراد أن لا يخرج منها أحدا غير وجوههم وألوانهم فيجئ الرجل فينظر فلا يعرف فيناديه الرجل فيقول يا فلان أنا فلان فيقول لا أعرفك فعند ذلك يقولون ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون فيقول الله تعالى اخسؤوا فيها ولا تكلمون فإذا قال ذلك أطبقت عليهم فلا يخرج منهم بشر وتمام الحديث في مستدرك الحاكم وأنكر المعتزلة وقوع الشفاعة واحتجوا بمثل قوله تعالى واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا تقبل منها شفاعة وقوله تعالى ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع والجواب بعد تسليم دلالتها على العموم في الأشخاص والأزمان والأحوال: إنه يجب تخصيصها بالكفار جمعا بين الأدلة ولما كان أصل العفو والشفاعة ثابتا بالأدلة القطعية من الكتاب والسنة والإجماع قالت المعتزلة يجوز العفو عن الصغائر مطلقا وعن الكبائر بعد التوبة وبالشفاعة وزيادة الثواب وكلاهما فاسدان أما الأول فلأن التائب ومرتكب الصغيرة المجتنب عن الكبيرة لا يستحقان العذاب عندهم فلا معنى للعفو والثاني فلأن النصوص واردة في الشفاعة بمعنى العفو عن الجناية ثم اعلم أن المراد من الشفاعة لأصحاب الكبائر أي التي ماتوا عليها من غير توبة وأما التائب عنها بشروطها ولو عند اليأس كما قدمنا فكمن لا ذنب له لقوله تعالى إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وذكروا أن للتوبة شروطا ثلاثة اثنان عامان الأول الندم على الذنب وخوف عقابه الثاني العزم على أن لا يعود إليه ما عاش كما لا يعود اللبن إلى الضرع الثالث وهو خاص الاقلاع عن الذنب في الحال بأن يتركه إن كان متلبسا به أو مصرا على المعاودة إليه فإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فلها شرط رابع وهو رد الظلامة إلى صاحبها أو تحصيل البراءة منه إن قدر ولو إلى وارثه فإن كانت غير مال استغفر
(١٢٨)