وفيه وضوح طرو المنع للملازمة الأخيرة، لعدم التنافي بين الحكم بطهر الجزء المختلط وعدم طهر غيره مما لم يلقه المطهر، ولذا لو اريد من الاختلاط مطلق الاتصال يكون مصادرة، لأن كفايته عين النزاع، ولأجله نعتبر في الكثير الذي تغير بعضه بالنجاسة ثم زال تغيره بنفسه امتزاجه بالباقي البالغ كرا، ولا نكتفي في طهره بمجرد الاتصال الحاصل بينه وبين الباقي.
هذا خلاصة ما حكى عنهم دليلا على كفاية مجرد الاتصال، وقد عرفت عدم تمامية شيء منها بحيث يكون دليلا وافيا على المدعى.
وحكي عنهم امور لإبطال اعتبار الامتزاج لا بد أيضا من دفعها ليسلم القول به عن المناقشة، ومنشؤه ما عن المنتهى عند تردده في الغديرين المتواصلين من أن في بقاء النجس على نجاسته نظرا، للاتفاق على طهارة النجس بإلقاء كر، والمداخلة ممتنعة والاتصال موجود هنا، وقد شرحه بعض الأفاضل وجعله وجوها، وقد كفانا شيخنا - طاب ثراه - مؤنة ردها، فلا نرى لتعرضها وذكر ما فيها كثير فائدة.
وامتناع المداخلة - الذي ادعاه العلامة - إن أراد بها الحكمي فهو بمعزل عن الفقه، وإن أراد بها العرفي ولو على وجه الحقيقة فهو ممكن كالعلم به، كما يكشف عنه زوال صفة ذي الصفة عند الممازجة، والمعتبر من الممازجة هو امتزاج جميع النجس ولو ببعض المعتصم حين عدم انقطاع ذلك البعض عما به اعتصامه كما أشرنا إليه من عدم اعتبار إلقاء تمام الكر في مقام التطهير، بل يجوز قطعه بعد حصول الطهر به. هذا تمام الكلام في الأول، وهو اعتبار الامتزاج.
وأما الثاني وهو كفاية النبع من تحت فهو في الجملة محل اتفاق كما ادعى الإجماع عليه شيخنا الأستاذ، بل في الجواهر أن اشتراط العلو أو المساواة لم يوجد إلا في بعض عبارات بعض المتأخرين، وهو خال عن السند، وهو كذلك لما ذكره الأستاذ - طاب ثراه - من أنه لا محصل لهذا الشرط عند المكتفي بمجرد الاتصال كما هو ظاهر بعض غير معتبري الامتزاج، وعند الملتزم بصدق الوحدة