حقيقي يحكم على أجزائه الغير المرئية بنجاسة بعض وطهارة بعض مع كمال مخالطة النجس بالطاهر وعدم وجود تغيير فيه، ولا اتصافه بصفة تميزه، بل ولا تمييز له في الواقع ونفس الأمر، ولا يمكن الحكم بانفعال الكر الممتزج حينئذ للإجماع على بقائه على طهارته ولا الحكم بنفي ترتب آثار الطاهر عليه من جواز الشرب والوضوء وأمثالهما، لأنه في معنى الانفعال، إذ لا معنى للنجاسة إلا المنع عن ترتب تلك الآثار عليه.
مع أنه يدل على حصول الطهر - حينئذ - ما دل على نفي البأس عن استعمال كر لاقاه نجاسة غلب عليها الماء، فإنه لا شك في غلبته بالمزج فلم يبق بعد مانع عن جواز استعماله شرعا، هذا.
مع أولوية أن عين النجس إذا امتزج بالكثير المطلق ولم تغيره يحكم بطهارته، فالماء المتنجس أولى بأن يحكم عليه بالطهارة مع المزج.
وبالجملة فحصول الطهارة مع المزج مما لا إشكال فيه، ولا يعتبر فيه كونه على حد الغلبة والاستهلاك وإن كان ربما يعطيه بعض الكلمات إلا أنه غير مقصود لمتكلمه، لما تراه منهم من الاكتفاء لتطهير كر بمثله، بل حكموا بأن الكر يطهر اكرارا من الماء النجس، وكلماتهم مشحونة بأمثاله مما لا يعقل فيه غلبة المطهر على المطهر واستهلاكه له، فليس إلا أنهم أرادوا به الامتزاج التام.
فلنعد إلى ذكر ما حسبوا دلالته على كفاية مجرد الاتصال وبيان ما فيه لكي نستريح إلى ما اخترناه من لزوم الممازجة:
أحدها: الأصل، حكي عن بعض الأفاضل. وغير خفي أن الأصل في المقام هو بقاء النجاسة.
الثاني: عمومات مطهرية الماء مطلقا، أو خصوص المعتصم منه. ومن الواضح: اهمال كيفية التطهير فيها وكونها محولة إلى العرف كما سبق الإشارة إليه، فلا عموم فيها من تلك الجهة زيادة على ما يحكم به العرف، سيما قوله (عليه السلام):