الأقوى عدم الوجوب، لعدم نهوض ما حكي عنهم لاثباته عليه، فافهم.
ذكروا في عداد أدلة الوجوب أنه من أجل تمييز المأتي به عما يشاركه ولو شأنا باعتبار الوقوع عن غير هذا المكلف أو في غير هذا الوقت كما هو المحكي عن المعتبر في رد ابن أبي هريرة المكتفي بنية الظهرية عن الفرضية من قوله: " بأن جنس الفعل لا يستلزم وجوهه إلا بالنية وكل ما أمكن أن يقع على أكثر من وجه واحد افتقر اختصاصه بأحد الوجوه إلى النية فينوي الظهر ليتميز عن بقية الصلاة، والفرضية ليتميز عن ايقاعه ندبا كمن صلى منفردا ثم أدرك الجماعة، وكونها أداء ليتميز عن القضاء "، انتهى.
ومثله حكي عن المبسوط في اعتبار الفرضية في صلاة الظهر ليتميز عن المعادة ندبا مع الجماعة، وكذا عن تذكرة الفاضل من قوله: " وأما الفرضية والنفلية فلا بد من التعرض لهما عندنا، لأن الظهر يقع على وجهي الفرض والندب كصلاة الصبي، ومن أعادها للجماعة فلا يتخصص لأحدهما إلا بالقصد، ثم حكي عن ابن أبي هريرة وأبي حنيفة الاكتفاء بالظهر عن الفرض، لأن الظهر لا يكون إلا واجبة - ثم قال -: وقد تقدم بطلانه " انتهى.
وفيه: أنه لا يأتي في جميع الموارد كما لو لم يكن للمأمور به إلا عنوان واحد من الوجوب والندب كصلاة الجمعة مثلا وصوم يوم الغدير مما الاشتراك فيه في الخطاب المتوجه اليهما، مضافا إلى أن الواقع أولا يكون هو الواجب عند عدم قصد أحدهما بالخصوص في صورة فرض اجتماع الطلبين في آن واحد، لانطباقه عليه، فإن صوم اليوم مثلا إذا فرض كونه مطلوبا على وجه لا يرضى الآمر بتركه فالمنطبق عليه ليس إلا هذا الفرد الواقع أولا، وأما الواقع ثانيا فهو مرضي الترك قطعا كما هو قضية الفصلين، وهما المنع من الترك والرضا به، هذا.
مع أن تمييز الأفعال لا ينحصر بقصد الفرض والندب، بل يمكن التمييز بوجه آخر، نعم لو لم يمكن ذلك وهو ملجأ إلى أن يقصد أحدهما ليحصل التميز عند الحاجة اليه فنحن لا نتحاشى عن الوجوب حينئذ، إلا أن ظاهر هؤلاء الأساطين