ويمكن أن يكون استشكاله هنا لعدم تسليمه خلو التعمد عن التشريع كما هو ظاهر المتن، فإن ظاهره فرض المسألة في صورة العلم بالوجه، وقد عرفت أن الأستاذ - طاب ثراه - علل البطلان في صورة العمد بالتشريع، فعلم أنه يرى العمد ملازما لحصول التشريع.
والأقوى تعقل نفي التشريع في المتخلف العامد كما شاهدناه في العوام حيث إنهم يتخيلون أن الواجب إذا نوي وجوبه يتنجز التكليف به ويلزق بهم، ولا يرفع عنهم أبدا ولو بروافع التكليف بخلاف نية الندب فيرون رفع التكليف بروافعه من قبله أو مطلقا، وإن ظهر فاسدا فلا يوجبون له تداركا، بل ربما يتعدون فيحسبون جواز رفع اليد عن الواجب بكل عارض في الأثناء، من جهة نية الندب فيه، ومع تعقله فلا مانع من نية هذا الخلاف بعدما تبين لك من عدم وجوب نية الوجه.
وأما في صورة الظن فلا أرى وجها للصحة، لأن عمله بالظن مع التمكن من العلم بلا دليل خاص يدل عليه غير مجوز في حقه شرعا، والمفروض أن ظنه دعاه إلى امتثال ما لم يؤمر به واقعا وترك امتثال ما أمر به، حيث إن ما نواه غير موجود والموجود غير منوي، سيما لو ظن الوجوب والواقع مندوب، وكان من حالته أنه لو تفطن عدم كونه ملزما بالإتيان به لم يكن يأت بالفعل، هذا.
ولكن مع ذلك الأقوى الصحة فيما لو كان بانيا على الامتثال كائنا ما كان، لرجحان الفعل الكافي في الامتثال وعدم مضرة ما قصده من الوجه المخالف ما لم يكن مشرعا، ولم يحصل منه خلل في المأمور به بعنوانه وجميع مشخصاته، لما عرفته من عدم وجوب قصد الوجه، فإذا صح هنا ففيما كان المخالفة من أجل العمل بالأصل مع التمكن من الظن فبطريق أولى، لعدم اشتراط جواز عمله به بعدم تمكنه من تحصيل الظن، سيما الاشتغال الذي هو الأصل بالنسبة إلى جواز العمل بالظن.
ولعل نظر الأستاذ - طاب ثراه - في كلامه (قدس سره) حيث وجهه بأن التقصير في الفحص أوجب بطلان العمل بالأصل ثم قال طاب ثراه: " وفيه ما فيه " يكون