والنواهي للمصالح والمفاسد الكامنة.
وبالجملة بعد تحقق الإجماع على لزوم قصد القربة في الوضوء وبعد تحقيق أن الأمر الغيري لا يجب فيه قصد التقرب كما في غسل الثوب والبدن لأجل الصلاة لا بد من التزام قيام هذا الأمر الواحد في الوضوء مقام أمرين: أحدهما مبين لمقدميته، والآخر مظهر لمطلوبيته، بمعنى أن وجود أحد الأمرين مغن عن الإتيان بصاحبه، لانفهام المطلبين معا منه، وهذا معنى قيام الواحد مقام الاثنين.
الأمر الثاني: في بيان قابلية الوضوء للشركة في وقت واحد وعدمها، وكلام الشهيد الثاني في الروضة معروف بأن الوضوء في وقت العبادة الواجبة المشروطة به لا يكون إلا واجبا، وهو المحكي عن غيره أيضا، بل هو المنسوب إلى المشهور وهو الذي يقتضيه تضاد الأحكام الخمسة بأسرها ويزيد الوضوء منعا عدم قابليته للتعدد ذاتا إذا كان المطلق به رفع الحدث بسبب تعلق الطلبين الوجوبي والاستحبابي به، وإن جوزنا اجتماعهما في غيره من الطبائع وقلنا فيه بعدم التداخل، ويكون المطلوب من الطبيعة حصول فردين في الخارج نظرا إلى وحدة حقيقة الوضوء الواجب والمستحب، بناء على أن الوضوء المندوب رافع، لأن مهية رفع الحدث قد اجتمع فيها جهتا الوجوب والندب كاجتماعهما في قتل بكر مثلا، وغيره من الامور الغير القابلة للتكرار.
ولذا لا يجوز الإتيان بأحد الوضوءين عقيب الآخر بخلاف سائر الطبائع فإنها قابلة للتكرار، فعليه لا يكون الوضوء مشتركا حتى يحتاج إلى نية التعيين.
وإليه نبه السيد الأستاذ بما علقه هناك بقوله: " في حصول التعدد في زمان واحد ولو بنذر ونحوه تأمل " وإن لم يحسن له التأمل، بل كان عليه أن يجزم بالعدم، وحينئذ يبقى الكلام في أن من لا يريد ايقاع الواجب هل يشرع له الوضوء أو لا؟ وعلى الجواز هل يجب عليه أن ينوي الوجوب أو يجوز له قصد الندب؟
ومع قصده هل الواقع في الخارج واجب أو ندب؟ ومع كونه ندبا هل ارتفع حدثه وابيح له الدخول في الصلاة أو لا؟