فعلا عند من يجوز اجتماعه مع الوجوب.
وتوهم أن الوجوب الغيري لا يصير منشأ للتقرب والاستحباب فعلا غير موجود حتى يتقرب بامتثاله كما هو قضية تضاد الأحكام الخمسة بأسرها، بل مع فرض تحقق الاستحباب فعلا أيضا لا يجدي، لعدم القصد إلى امتثاله لمفروضية ايقاع الفعل لوجوبه.
مدفوع بمنع عدم حصول التقرب بالواجب الغيري إذا كان في نفسه عبادة مطلوبة ندبا كالصوم الذي يجب مقدمة للاعتكاف المنذور، غاية الأمر عدم زيادة ثوابه لأجل هذا الوجوب، فإنه لا يوجب الثواب لا أنه يزيله فإن الوجوب والندب مجتمعان بلحاظ جنسهما وهو الرجحان، وتنافيهما إنما هو باعتبار فصليهما.
وهذا العلاج مع أنه منقوض بالتيمم حيث إنه لا رجحان له في نفسه كما أشار اليه هو - طاب ثراه - فيه أنه مخالف لصريح كثير من نفيهم استحبابه النفسي وحكمهم بعدم صحة ما أتى به بلا ملاحظة غاية من غاياته أي بعدم رفعه للحدث وهو ظاهره - طاب ثراه - أيضا في الفروع المتفرعة على الوضوء ومن مطاوي كلماته فيه.
الوجه الثاني: إن الفعل في نفسه ليست مقدمة فعلية، لما عرفت من أنه إنما يصير مقدمة إذا اتي به على وجه العبادة، ولكن لما أراد الشارع الصلاة المتوقفة على تلك المقدمة الموقوفة مقدميتها على الأمر وجب أن يأمر به مع نصب الدلالة على وجوب الاتيان به على وجه التعبد، بناء على أن التعبدية في المأمور به لا يستفاد من الأوامر وإنما يفهم من الخارج.
فعلى هذا يجعل ما ورد من الأمر به محققا لمقدميته، ويستغنى به عن ورود أمر آخر به يفيد وجوبه الغيري لقيام هذا الأمر بتلك الإفادة أيضا بعد صيرورة الفعل مقدمة فعلا بسببه، وهذا دفع لا أرى عنه محيصا، لأن الحكيم العالم بكوامن الأشياء إذا رأى أن ايجاد فعل خاص بكيفية خاصة مترتب عليه أثر مخصوص فأخبر به يجب أن يتبع خبره. وإليه يومئ ما عليه العدلية من تبعية الأوامر