ذلك الأستاذ - طاب ثراه - في غسل الميت وكذلك المحقق الثاني في شرح عبارة القواعد: " يجب إزالة النجاسة أولا " انتهى. حيث قال: " ربما أوهم قول المصنف وجوب إزالة النجاسة قبل الاغتسال، وليس كذلك قطعا " انتهى.
فإنه نسب ما يفيده ظاهر هذه العبارة الظاهرة في لزوم التقديم إلى الوهم، فيعلم أن الباقين أيضا كذلك، والحاصل أنه لا قصور في أخبار الباب من تلك الجهة، وهي تامة في الدلالة على المدعى إلا أن موردها لما كان الماء القليل - فإنها وردت في مستعمليه كما هو ظاهرها سؤالا وجوابا، ولذا استدل بها على انفعال الماء القليل والغسالة - لا تنهض بإثبات المطلب في الكثير والجاري.
بل يمكن دعوى أن منصرف الغسل في سالف الزمان لم يكن إلا الغسل بالماء القليل كما يشهد له نقل الأستاذ - طاب ثراه - في غسل الميت قول بوجوب الترتيب في غسل الجنابة وعدم كفاية الارتماس عن بعضهم، وإن ضعفه هو - طاب ثراه -.
وكيف كان فلا دلالة في تلك الأخبار على وجوب الإزالة قبل الغسل مطلقا حتى فيمن يغتسل في الكثير والجاري سيما على القول بحصول الطهر في المحل النجس بمجرد ملاقاته لهما، فإنه يمكن أن يقال: إن التقديم حاصل حينئذ بالمعنى الذي قدمناه من أن المراد تقديم الإزالة على غسل ذلك المحل لا على تمام العمل، فإن من الجائز أن يقال: إن الطهر حصل بأول الملاقاة والغسل المطلوب حصل في الآن المتأخر عنها، ولا يلزم التشريك الممنوع أيضا.
وعليه يمكن أيضا تنزيل كلام من أطلق في المقام ولم يصرح بالإطلاق أو بلزوم الإزالة في خصوص الكثير والجاري.
وعليه فيقوى عدم الاشتراط في غير صورة تنجس الماء بالملاقاة وإن لم يزل حكم الخبث لأجل الاحتياج إلى التعدد، أو لغير ذلك فيصح حينئذ ما حكي عن الشيخ من أنه: " من اغتسل وفي بدنه نجاسة يكفيه عن غسلها إن زالت به، وعليه ازالتها بعد الغسل إن لم تزل وصح غسله " انتهى، في الكثير والجاري مطلقا،