وأما رواية الخصال فظاهرها بقرينة تقييد الكشف بحال الجلوس بين القوم أنه (عليه السلام) حاول بيان ما هو من الآداب الشرعية المرغوبة لا بيان المنع الحتمي الذي يكون ارتكابه كبيرة موبقة، هذا.
مضافا إلى ضعفهما سندا ولا جابر لهما.
وأما عدم وجوب اخفاء الحجم فلانصراف أدلة ستر الشيء عن النظر إلى اخفاء لونه الذي هو حاكي جسمية الشيء ومشخصها في حس البصر، ولأن معنى كشفه كونه على حالة يتميز معها بحس المدرك كيفية جسميته، فأمر بستره ليخفى في الرؤية ما هو مظنة الفساد لا أن يخفى تحققه ووجوده بالمرة.
ويؤيد ما ذكرناه ملاحظة حكمة الحكم من استلزام النظر غالبا بالعورة المكشوفة تهيج الشهوة التي هي رأس كل فساد، ولصدق قوله (عليه السلام): " إذا سترت القضيب والانثيين فقد سترت " (1) فإن في سترهما بخرقة بلا ضميمة شيء معهما يخفى اللون والشكل ويرى الحجم.
ويمكن استفادة كفاية هذا المقدار من الستر من رواية عبد الله المرافقي المتقدمة عن الفقيه في حكاية اطلاء أبي عبد الله (عليه السلام)، وفيها: " فقال قيم الحمام يوما من الأيام: ان الذي تكره أن أراه فقد رأيته، فقال (عليه السلام): إن النورة سترته " (2)، فإن الذي ادعى القيم رؤيته ونفاها الامام (عليه السلام) معللا بساترية النورة ليس إلا حجم الانثيين، لأن القضيب كان محلولا بالمئزر ولم يكن مطليا قطعا، والعانة بعد الاطلاء بالنورة غير مرئية شكلا، فلم يبق من العورة ما يسع للقيم دعوى رؤيته إلا الانثيين، وهو الذي نفى (عليه السلام) رؤيته له معللا بأن النورة سترته ومعلوم أن النورة لا تخفي حجم الانثيين وإنما تستر لونهما وتخفي شكلهما الذي هو عبارة عن الجسمية المرئية، وقد اكتفى به (عليه السلام) في الستر الواجب عليه.
وعلى هذا المعنى يحمل مرسل جعدة بن عمر: " عن بعض أصحابنا في اطلاء