- باعتبار حصرهما العورة في كشف العائبة وإذاعة السر - لأنه إنما وقع بملاحظة كمال العناية لبيان ما هو المهم المعتنى به في الشريعة، فكأنه لعظم شأنه وحقارة المعنى الآخر في مقابله ليس المعنى إلا هو، سيما إذا اريد ردع من يهتم بحفظ هذا الحقير ولا يبالي بكشف ما شأنه خطير وضرر إضاعته كبير، فتدبر.
كما لا ينافي تلك الجملة ما ورد بلفظ الكراهة الظاهرة عند بعض في الكراهة كالمحكي عن الفقيه عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه كره دخول الحمام إلا بمئزر (1) ونحوه نبوي آخر، وكموثقة ابن أبي يعفور قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) أيجرد الرجل عند صب الماء يري عورته أو يصب عليه الماء ويرى عورة الناس؟ فقال (عليه السلام): كان أبي (عليه السلام) يكره ذلك من كل أحد " (2).
وكالمروي في الفقيه عنه (عليه السلام) أيضا أنه قال: " أنا أكره النظر إلى عورة المسلم فأما النظر إلى عورة من ليس بمسلم مثل النظر إلى عورة الحمار " (3) لظهور لفظ الكراهة عندنا في الأخبار في الحرمة، ولا أقل من احتمالها لها قويا المنافي لاستظهار الكراهة منها.
فما عن بعض المتأخرين أنه لولا مخافة خلاف الإجماع لأمكن القول بكراهة النظر دون التحريم جمعا في غاية الضعف سيما مع اقتران الموثقة بقرائن كثيرة دالة على إرادة التحريم من الكراهة وعدم مقاومتها مع ما سبق مما استفيد منها الحرمة على فرض تسليم الظهور هنا، لأن الدال على الحرمة أظهر، فبقاعدة تقديم الأظهر على الظاهر يرفع اليد به عنها، هذا. مع أن المسألة ليست محل الكلام، لأنها إجماعية، بل في الجواهر إنها كحرمة النظر ضرورية.
وأما أن العورة هي الثلاثة المذكورة لا غيرها فهو المشهور، للأصل، ولمرسلة أبي يحيى الواسطي: " العورة عورتان القبل والدبر، الدبر مستور بالإليتين، فإذا