جهلوا شرفه، والمنجد الرفيع تقصر عن تكييفه الحداق (1)، وتخذل عن الوصول إلى سرائره الفطن، فترى لذلك سهاها أبهى من ثواقبه، وغياباتها أجلى من كواكبه.
وبعض يرى أن مناقبه خصم لمناصبه (2) فيغار منه غيرة المرأة الشوهاء المسنة من الخرائد (3)، والمخشلب (4) من الفرائد، والكمال إذ ذاك لصاحبه، والنقص على من لا يدانيه في مناقبه، وشرف مذاهبه.
لا يوحش الربع المحلق شأوه (5) * هجر البغاث (6) محله وحماه سقطت ونافاها فخارا شامخا (7) * وأبى ارتفاعا أن تحل ذراه ثم أجرى الجاحظ حديث قول عمر - رضوان الله عليه -: " كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله شرها " (8) وأطال الخطاب في ذلك بلفظ، حليته الهذر، وطبيعته الخداع، ومزاجه النقص، حاصله: أن البيعة سميت فلتة، إذ سلمت من انتقاض الأمور. قال: (وهذه مكرمة لا يجوز أن يحبو بها خالق العباد إلا نبيا أو خليفة نبي (9)).
فنن ذلك، ولو شئنا لفننا مقابلة تفنينه (10) ألفاظ ومعاني لا تدانيها ألفاظه، ولا تقرب منها معانيه، لكن ذلك تضييع للوقت، وشغل للنفوس