فهو آية من آيات الله في خلقه قد منحه من لدنه حافظة تكاد تكون عديمة النظير واستعدادا قليل الوجود بحيث يستغني عن المعلم في أربعين يوما وهو في الرابعة من عمره والله يعطي من يشاء بغير حساب ولا استبعاد في ذلك وفخر المحققين ابن العلامة الحلي فاز بدرجة الاجتهاد في السنة العاشرة من عمره الشريف وروى عن إبراهيم بن سعيد الجوهري أنه قال رأيت صبيا له أربع سنين حملوه إلى المأمون العباسي وكان قارئا ناظرا في الرأي والاجتهاد ولكن يبكي كلما يجوع (1).
وقال ابن الفوطي معاصره:
كان جليل القدر، نبيل الذكر، حافظا لكتاب الله المجيد ولم أر في مشايخي أحفظ منه للسير والآثار والأحاديث والأخبار والحكايات والأشعار جمع وصنف وشجر وألف، وكان يشارك الناس في علومهم وكانت داره مجمع الأئمة والأشراف، وكان الأكابر والولاة والكتاب يستضيئون بأنواره ورأيه، وكتبت لخزانته كتاب (الدر النظيم في ذكر من تسمى بعبد الكريم) وسألته عن مولده فذكر أنه ولد في شعبان سنة ثمان وأربعين وستمائة. وتوفي في يوم السبت سادس عشر شوال سنة ثلاث وتسعين وستمائة وحمل إلى مشهد الإمام علي - عليه السلام - ودفن عند أهله (2).
وكلامه هذا (حمل إلى مشهد الإمام علي عليه السلام ودفن عند أهله) يؤيد القول القائل بأن رضي الدين عليا حملت جنازته إلى مشهد الإمام علي عليه السلام وأن السيد عبد الكريم دفن عند أهله وبعيد أن تحمل جنازته من الكاظمية إلى الحلة ولا يعرف حينئذ وجه نسبة القبر المعروف في الحلة له