بناء المقالة الفاطمية - السيد ابن طاووس - الصفحة ١٠٢
الجمهور من أهل الرواية على أن أول من وضع النحو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.
ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب ١ / ٧٦ قال:
أبو الأسود الدؤلي الذي أسس النحو بإشارة علي إليه.
القلقشندي في صبح الأعشى: ١ / ٤٢٠ قال:
أول من وضع النحو أبو الأسود الدؤلي، بأمر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - وهو أول من نقط المصاحف النقط الأول على الإعراب.
الأنباري في نزهة الألباء: ٣ قال:
روى أبو الأسود قال: دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فوجدت في يده رقعة، فقلت: ما هذه يا أمير المؤمنين؟ فقال: إني تأملت كلام العرب، فوجدته قد فسد بمخالطة هذه الحمراء يعني الأعاجم، فأردت أن أصنع شيئا يرجعون إليه، ويعتمدون عليه، ثم ألقى إلي الرقعة وفيها مكتوب: الكلام كله اسم وفعل وحرف، فالاسم ما أنبأ عن المسمى، والفعل ما أنبأ به، والحرف ما أفاد معنى. وقال لي: انح هذا النحو، وأضف إليه ما وقع إليك. واعلم يا أبا الأسود، أن الأسماء ثلاثة: ظاهر ومضمر، واسم لا ظاهر ولا مضمر، وإنما يتفاضل الناس يا أبا الأسود فيما ليس بظاهر ولا مضمر.
وأراد بذلك الاسم المبهم، قال: ثم وضحت بأبي العطف والنعت، ثم بأبي التعجب والاستفهام، إلى أن وصلت إلى باب " إن وأخواتها " ما خلا " لكن " فلما عرضتها على علي - عليه السلام - أمرني بضم (لكن) إليها، وكنت كلما وضعت بابا من أبواب النحو، عرضته عليه - رضي الله عنه - إلى أن حصلت ما فيه الكفاية. قال: ما أحسن هذا النحو الذي قد نحوت فلذلك سمي نحوا.
" علم الجفر والأعداد " القندوزي في ينابيع المودة: ٤١٤.
قال: علي عليه السلام - أول من وضع مربع في مائة في الإسلام، وقد صنف الجفر الجامع في أسرار الحروف، وفيه ما جرى للأولين وما يجري للآخرين، وفيه اسم الله الأعظم. وتاج آدم، وخاتم سليمان، وحجاب آصف.
الآمرتسري في أرجح المطالب: ١٦٢ قال:
علم الجفر والحساب كان لعلي - عليه السلام - وبالجملة ما من علم إلا ولعلي عليه السلام له بناء وهو مصدر العلوم كلها.
" علم الفقه " ابن أبي الحديد في شرح النهج: ١ / ١٨ قال:
ومن العلوم علم الفقه، وهو - عليه السلام - أصله وأساسه، وكل فقيه في الإسلام فهو عيال عليه، ومستفيد من فقهه.
أما أصحاب أبي حنيفة كأبي يوسف، ومحمد، وغيرهما، فأخذوا عن أبي حنيفة، وأما الشافعي، فقرأ على محمد بن الحسن، فيرجع فقهه أيضا إلى أبي حنيفة.
وأما أحمد بن حنبل فقرأ على الشافعي، فيرجع فقهه أيضا إلى أبي حنيفة، وأبو حنيفة قرأ على جعفر بن محمد - عليه السلام - وقرأ جعفر على أبيه - عليه السلام - وينتهي الأمر إلى علي - عليه السلام.
وأما مالك بن أنس، فقرأ على ربيعة الرأي وقرأ ربيعة على عكرمة، وقرأ عكرمة، على عبد الله ابن عباس، وقرأ عبد الله بن عباس على علي بن أبي طالب. وإن شئت فرددت إليه فقه الشافعي بقراءته على مالك، كان لك ذلك فهؤلاء الفقهاء الأربعة.
وأما فقه الشيعة فرجوعه إليه ظاهر.
وأيضا فإن فقهاء الصحابة كانوا: عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عباس وكلاهما أخذ عن علي عليه السلام. أما ابن عباس فظاهر، وأما عمر، فقد عرف كل أحد رجوعه إليه في كثير من المسائل التي أشكلت عليه، وعلى غيره من الصحابة، وقوله غير مرة: لولا علي لهلك عمر، وقوله: لا بقيت لمعضلة ليس لها أبو الحسن. وقوله: لا يفتين أحد في المسجد وعلي حاضر.
فقد عرف بهذا الوجه أيضا انتهاء الفقه إليه.
الصنعاني في طبقات المعتزلة: ٣٣ قال:
وعن أبي الدرداء، أنه قال: العلماء ثلاثة، رجل بالشام يعني نفسه، ورجل بالكوفة يعني ابن مسعود، ورجل بالمدينة يعني عليا - عليه السلام - ثم قال: والذي بالشام يسأل الذي بالكوفة، والذي بالكوفة يسأل الذي بالمدينة، والذي بالمدينة لا يسأل أحدا.
ابن عبد البر في الاستيعاب: ٢ / 463 قال:
وكان معاوية يكتب فيما ينزل به ليسأل له علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ذلك فلما بلغه قتله، قال: ذهب الفقه والعلم بموت ابن أبي طالب، فقال له أخوه عتبة: لا يسمع هذا منك أهل الشام، فقال له: دعني عنك.
وذكره أيضا الأمر تسري في أرجح المطالب: 658 نقلا عن ابن عبد البر.
" علم الفصاحة والبلاغة " ابن أبي الحديد في شرح النهج: 1 / 24.
وأما الفصاحة، فهو عليه السلام إمام الفصحاء، وسيد البلغاء. وفي كلامه قيل: دون كلام الخالق، وفوق كلام المخلوقين. ومنه تعلم الناس الخطابة، والكتابة، قال عبد الحميد بن يحيى: حفظت سبعين خطبة من خطب الأصلع، ففاضت ثم فاضت. وقال ابن نباتة:
حفظت من الخطابة كنزا لا يزيده الإنفاق إلا سعة وكثرة، حفظت مائة فصل من مواعظ علي ابن أبي طالب.
ولما قال محقن بن أبي محقن لمعاوية: جئتك من عند أعيا الناس، قال له: ويحك، كيف يكون أعيا الناس! فوالله ما سن الفصاحة لقريش غيره.
ومطالب السؤول: 28 قال في تعداد العلوم التي تنتهي إليه - عليه السلام -.
رابعها: علم البلاغة والفصاحة، وكان فيها إماما لا يشق غباره، ومقدما لا تلحق آثاره.
" علم الطريقة والتصوف " ابن أبي الحديد في شرح النهج: 1 / 19 قال:
ومن العلوم، علم الطريقة والحقيقة، وأحوال التصوف، وقد عرفت أن أرباب هذا الفن في جميع بلاد الإسلام إليه ينتهون، وعنده يقفون، وقد صرح بذلك الشبلي، والجنيد، وسري، وأبو يزيد البسطامي، وأبو محفوظ معروف الكرخي، وغيرهم، ويكفيك دلالة على ذلك، الخرقة التي هي شعارهم إلى اليوم، وكونهم يسندونها بإسناد متصل إليه - عليه السلام - مطالب السؤول: 28. قال:
وخامسها: علم تصفية الباطن، وتزكية النفس، فقد أجمع أهل التصوف من أرباب الطريقة، وأئمة الحقيقة، أن انتساب خرقتهم ومرجعهم في آداب طريقتهم ومردهم في أسباب حقيقتهم إلى علي - عليه السلام -.