وتكون ما استفهاما وذا زائدة في نحو قولك: ماذا صنعت، أي أي شيء صنعت.
* قلت: ومنه قول جرير:
* يا خزر تغلب ماذا بال نسوتكم * قال ابن فارس: فليس ذا بمنزلة الذي ولا يصلح ما الذي بال نسوتكم، وكان ذا زيادة مستغنى عنها إلا في إقامة وزن الشعر.
وتكون ما شرطية غير زمانية، هذا هو النوع الثاني للنكرة المضمنة معنى الحرف (1) نحو قوله تعالى: (ما تفعلوا من خير يعلمه الله) (2)، وقوله تعالى: (ما ننسخ من آية أو ننسأها) (3)، وقوله تعالى: (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له) (4).
أو زمانية (5): كقوله تعالى: (فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم) (6)؛ قال ابن فارس: ما إذا كانت شرطا وجزاء فكقول المتكلم: ما تفعل أفعل، قال علماؤنا: موضعها من الإعراب حسب العامل، فإن كان الشرط فعلا لا يتعدى إلى مفعول فموضع ما رفع، يقول البصريون: هو رفع بالابتداء، ويكون رفعا عندنا بالغاية، وإن كان الفعل متعديا كانت ما منصوبة، وإن دخل عليه حرف خفض أو أضيف إليه اسم فهو في موضع خفض. وأما أوجه الحرفية؛ لما فرغ من بيان ما الاسمية شرع يذكر ما الحرفية ووجوهها الأربعة، وهي: أن تكون نافية، وأن تكون مع الفعل بمنزلة المصدر، وأن تكون زائدة، وأن تكون كافة؛ فقال:
فأحدها: أن تكون نافية للحال نحو: ما يفعل الآن، وللماضي القريب من الحال نحو: ما فعل، ولا يتقدمها شيء مما في حيزها، فلا يقال: ما طعامك يا زيد آكل خلافا للكوفيين، ونحو قول الشاعر:
إذا هي قامت حاسرا مشمعلة * نخيب الفواد رأسها ما تقنع مع شذوذه محتمل للتأويل. فإن أدخلت (7) على الجملة الاسمية أعملها الحجازيون والتهاميون والنجديون عمل ليس بشروط معروفة عند أئمة النحو في كتبهم وفي الصحاح: فإن جعلتها حرف نفي لم تعملها في لغة أهل نجد لأنها دوارة، وهو القياس، وأعملتها في لغة أهل الحجاز تشبيها بليس نحو: ما زيد خارجا، وقوله تعالى: (ما هذا بشرا) (8)، وقوله تعالى: (ما هن أمهاتهم) (9) قال ابن فارس: قول العرب. ما زيد منطلقا فيه لغتان: ما زيد منطلقا، وما زيد منطلق، فمن نصب فلأنه أسقط الباء أراد بمنطلق: فلما ذهبت الباء انتصب، وقوم يجعلون ما بمعنى ليس كأنه ليس زيد منطلقا. وندر تركيبها مع النكرة تشبيها بلا كقوله، أي الشاعر:
وما بأس لو ردت علينا تحية * قليل على من يعرف الحق عابها (10) وقد يستثنى بما، قال ابن فارس: وذكر لي أبي عن أبي عبد الله محمد بن سعدان النحوي قال: تكون ما بمعنى إلا في قول العرب: كل شيء مهه ما النساء وذكرهن، نصب النساء على الاستثناء، أي إلا النساء وذكرهن، هذا كلامه، وقد يروى مهاه ومهاهة؛ وتقدم للمصنف في حرف الهاء هذا المثل بخلاف ما أورده هنا، فإنه قال: ما خلا النساء وذكرهن، وذكرنا هناك أن ابن بري قال: الرواية بحذف خلا، وقول شيخنا أنه منصوب بعدا محذوفة دل عليها المقام ولا يعرف استعمال ما في الاستثناء، انتهى، غير صحيح لما قدمناه عن ابن فارس، ويدل له رواية بعضهم: إلا حديث