النساء، وقد مر تفصيله في حرف الهاء فراجعه.
وتكون ما مصدرية غير زمانية نحو قوله تعالى: (عزيز عليه ما عنتم) (1)، وقوله تعالى: (ودوا ما عنتم) (2)، وقوله تعالى: (فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم) (3).
وزمانية نحو قوله تعالى: (ما دمت حيا) (4)، وقوله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم) (5)، قال ابن فارس: ما إذا كانت مع الفعل: بمنزلة المصدر وذلك قولك: أعجبني ما صنعت، أي أعجبني صنعك، وتقول: ائتني بعدما تفعل ذاك، أي بعد فعلك ذاك. وقال قوم من أهل العربية: ومن هذا الباب قولهم: مررت برجل ما شئت من رجل، قالوا: وتأويله مررت برجل مشيئك من رجل، قالوا: ومنه قولك: أتاني القوم ما عدا زيدا فما مع عدا بمنزلة المصدر، وتأويله: أتاني القوم مجاوزتهم زيدا لأن عدا أصله المجاوزة، مثله في الكلام كثيرا جلس ما جلست، ولا أكلمه ما اختلف الملوان؛ وقوله تعالى:، (ما دمت فيهم) (6)، ولا بد أن يكون في قولهم اجلس ما جلست إضمار لزمان أو ما أشبهه، كأنك قلت اجلس قدر جلوسك أو زمان جلوسك؛ قالوا: ومنه قوله تعالى: (كلما أضاء لهم مشوا فيه) (7)، (وكلما أوقدوا نارا) (8)، (وكلما خبت زدناهم سعيرا) (9)، حقيقة ذلك أن ما مع الفعل مصدر ويكون الزمان محذوفا، وتقديره كل وقت إضاءة مشوا فيه. وأما قوله تعالى: (فاصدع بما تؤمر) (10)، فمحتمل أن يكون بمعنى الذي ولا بد من أن يكون معه عائد كأنه قال بما تؤمر به، ويحتمل أن يكون الفعل الذي بعد ما مصدرا كأنه قال فاصدع بالأمر.
وتكون ما زائدة، وهي نوعان: كافة وهي على ثلاثة أنواع:
كافة عن عمل الرفع ولا تتصل إلا بثلاثة أفعال قل وكثر وطال، يقال: قلما وكثر ما وطالما؛.
وكافة عن عمل النصب والرفع: وهي المتصلة بأن وأخواتها وهي: أن، بالفتح، ولكن وكأن وليت ولعل، وتسمى هؤلاء الستة المشبهة بالفعل، من ذلك قوله تعالى: (إنما الله إله واحد) (11)، وقوله تعالى: (إنما أنت منذر) (12)، وقوله تعالى: (كأنما يساقون إلى الموت) (13)؛ وتقول في الكلام: كأنما زيد أسد، وليتما زيد منطلق؛ ومن الباب: (إنما يخشى الله من عباده العلماء) (14)، (وإنما نملي لهم ليزدادوا (15) إثما). قال المبرد وقد تأتي ما لمنع العامل عمله وهو كقولك: كأنما وجهك القمر، وإنما زيد صديقنا. وقال الأزهري: إنما قال النحويون إن أصل إنما ما منعت إن من العمل، ومعنى إنما إثبات لما يذكر بعدها ونفي لما سواه، كقوله: وإنما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي.
المعنى ما يدافع عن أحسابهم إلا أنا أو من هو مثلي.
وكافة عن عمل الجر وتتصل بأحرف وظروف فالأحرف رب وربت، ومنه قوله تعالى: (ربما يود الذين كفروا) (16)، فرب وضعت للأسماء فلما أدخل فيها ما جعلت للفعل؛ وقال الشاعر:
ربما أوفيت في علم * ترفعن ثوبي شمالات (17)