جررتها بحرف جار، وإبقاء الفتحة على ما قبل المحذوف لتكون دليلا عليها، أي على الألف المحذوفة، كفيم وإلام وعلام ولم وبم وعم، وربما تبعت الفتحة الألف في الشعر ضرورة نحو قول الشاعر:
* يا أبا الأسود لم خلفتني (1) * بسكون الميم.
وإذا ركبت ما الاستفهامية مع ذا للإشارة لم تحذف ألفها (2).
ثم شرع في بيان ماذا وإنما لم يفرد له تركيبا مستقلا لكونه مركبا من ما وذا، ولذا ذكره بعض الأئمة في تركيب ذا فقال: وماذا: تأتي على أوجه:.
أحدها: أن تكون (3) ما استفهاما وذا إشارة نحو قولهم: ماذا التواني، وماذا الوقوف (4)، تقديره: أي شيء هذا التواني وهذا الوقوف.
الثاني:: أن تكون (3) ما استفهاما وذا موصولة، كقول لبيد:
ألا تسألان المرء ماذا يحاول * أنحب فيقضى أم ضلال وباطل؟ (5) الثالث: يكون ماذا كله استفهاما على التركيب كقولك: لماذا جئت.
الرابع: أن يكون ماذا كله اسم جنس بمعنى شيء أو بمعنى الذي، قال الليث: يقال: ماذا صنعت؟ فتقول: خير وخيرا، الرفع على معنى الذي صنعت خير، وكذلك رفع قول الله، عز وجل: (ويسألونك ماذا ينفقون قل (6) العفو)، أي الذي ينفقون هو العفو من أموالكم. وقال الزجاج: معنى ماذا ينفقون على ضربين: أحدهما: أن يكون ذا في معنى الذي ويكون ينفقون من صلته، المعنى يسألونك أي شيء، ينفقون، كأنه بين وجه الذي ينفقون لأنهم يعلمون ما المنفق، ولكنهم أرادوا علم وجهه، قال: وجائز أن يكون ما مع ذا بمنزلة اسم واحد، ويكون الموضع نصبا بينفقون، المعنى أي شيء، ينفقون، قال: وهذا إجماع النحويين، وكذلك الأول إجماع أيضا، وقولهم: ما وذا بمنزلة اسم واحد كقوله:
دعي ماذا علمت سأتقيه * ولكن بالمغيب فنبئيني (7) ويروى: ولكن بالمغيب نبئيني، ويروى: خبريني، كأنه بمعنى دعي الذي علمت.
وقال ابن فارس: فأما قوله تعالى: (ماذا أنزل ربكم) (8)؟ فقال قوم: ما وذا بمنزلة اسم واحد. وقال آخرون: ذا بمعنى الذي معناه ما الذي أنزل ربكم.
وتكون ما زائدة وذا إشارة نحو قول الشاعر، هو مالك ابن زغبة الباهلي:
أنورا سرع ماذا يا فروق * وحبل الوصل منتكث يا حذيق (9) أراد: سرع فخفف، والمعنى أنورا ونفارا يا فروق، فما صلة أراد سرع ذا نورا، وقد ذكر في سرع.