أفعل وأن أحسن إليك على كل حال؛ قلت: هذا الذي ذكره مثال الأمر. وأما مثال النفي: فكقوله تعالى: (ما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم) (1)؛ وهذا هو الذي مر في أول التركيب، وجعل المصنف فيها الفاء ناصبة، وإنما النصب بإضمار أن. ومثال النهي: قوله تعالى: (لا تمسوها بسوء فيأخذكم) (2). ومثال الاستفهام: قوله تعالى: (هل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا) (3) ومثال التمني: (يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما) (4). ومثال العرض: قوله تعالى: (لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق) (5).
وفات الجوهري ما إذا أجيب بها بعد الدعاء كقولهم: اللهم وفقني فأشكرك، فهي مواضع سبعة. ذكر المصنف منها واحدا.
وقوله تعالى: (وربك فكبر) (6) على تقدير ومهما يكن من شيء فكبر ربك، وإلا ما جامعت الواو؛ وكررت في قوله:
* وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي (7) * لبعد العهد.
[كذا]: كذا: اسم مبهم، تقول: فعلت كذا؛ كذا في الصحاح.
ومر للمصنف في المعتل وفسره بأنه كناية. وهنا قال: اسم مبهم ولا منافاة، ويرسم بالألف.
قال الجوهري: وقد يجري مجرى كم فينتصب ما بعده على التمييز، تقول: عندي كذا درهما، لأنه كالكناية.
قال شيخنا قد يفهم منه أنه يدل على الاستفهام ولا قائل به، وكأنه قصد يجري مجراه في الدلالة على الكناية الدالة على العدد. وقد تكلم ابن مالك على استعمالها مفردة ومركبة ومتعاطفة وبسط فيه فليراجع؛ قال: ومن غرائب كذا أنها تلحقها الكاف فيقال: كذاك، وتكون اسم فعل بمعنى دع واترك، فتنصب مفعولا؛ قال جرير:
يقلن وقد تلاحقت المطايا * كذاك القول إن عليك عينا أي دع القول، وهي مركبة من كاف التشبيه واسم الإشارة وكاف الخطاب، وزال معناها التركيبي وضمنت معنى دع، كذا في طراز المجالس للخفاجي.
ورجل كذاك: أي خسيس أو دنيء.
وقيل: حقيقة كذاك مثل ذاك أي الزم ما أنت عليه ولا تتجاوزه؛ وعليه خرج الحديث: كذاك مناشدتك ربك، بنصب الدال كما نقله ابن دحية في التنوير عن شيخه ابن قرقول، وروي برفعها، ويروى كفاك، وهي رواية البخاري، والمعنى حسبك، وقد أغفله المصنف، وهو واجب الذكر وأورده صاحب اللسان في الكاف وأشرنا إلى بعض ذلك هناك فراجعه.
[كلا]: كلا: تكون صلة لما بعدها؛ وتكون ردعا وزجرا، معناها انته لا تفعل كقوله تعالى: (يطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم (8) كلا)، أي لا يطمع في ذلك.
وقد تكون تحقيقا كقوله تعالى: (كلا لئن لم ينته لنسفعا) (9)، أي حقا؛ كما في الصحاح.
ويقال: كلاك والله، وبلاك والله، أي كلا والله، وبلى والله.
قال أبو زيد: سمعت العرب تقول ذلك.
قال الأزهري: والكاف لا موضع لها من الإعراب.