* قلت: وتبدل العامة أيضا الهمزة بالهاء مع ضمها.
وقال الليث: قولهم: إما لا فافعل كذا، إنما هي على معنى إن لا تفعل ذلك فافعل ذا، ولكنهم لما جمعوا هؤلاء الأحرف فصرن في مجرى اللفظ مثقلة فصار لا في آخرها، كأنه عجز كلمة فيها ضمير ما ذكرت لك في كلام طلبت فيه شيئا فرد عليك أمرك فقلت إما لا فافعل ذا. وفي المصباح (1): الأصل في هذه الكلمة أن الرجل يلزمه أشياء ويطالب بها فيمتنع منها فيقنع منه ببعضها، ويقال له إما لا فافعل هذا، أي إن لم تفعل الجميع فافعل هذا، ثم حذف الفعل لكثرة الاستعمال وزيدت ما على إن توكيدا لمعناها (2). قال بعضم: ولهذا تمال لا هنا لنيابتها عن الفعل كا أميلت بلى ويا في النداء، ومثله: من أطاعك فأكرمه ومن لا فلا تعبأ به، وقيل: الصواب عدم الإمالة لأن الحروف لا تمال..
وغير العوض عن الفعل، يقع بعد الرفع نحو: شتان ما زيد وعمرو، وشتان ما هما، وهو ثابت في الفصيح وصرحوا بأن ما زائدة، وزيد فاعل شتان، وعمر وعطف عليه؛ وشاهده قول الأعشى:
شتان ما يومي على كورها * ويوم حيان أخي جابر (3) كذا في أدب الكتاب (4) لابن قتيبة. وأما قولهم شتان ما بينهما، فأثبته ثعلب في الفصيح، وأنكره الأصمعي، وتقدم البحث فيه في شتت. وقوله، أي مهلهل بن ربيعة أخي كليب لما نزل بعد حرب البسوس في قبائل جنب فخطبوا إليه أخته فامتنع فأكرهوه حتى زوجهم وقال:
أنكحها فقدها الأراقم في * جنب وكان الخباء من أدم لو بأبانين جاء يخطبها * ضرج (*) ما أنف خاطب بدم هان على تغلب الذي لقيت * أخت بني المالكين من جشم ليسوا بأكفائنا الكرام ولا * يغنون من غلة ولا كرم (5) وبعد الناصب الرافع كقولك: ليتما زيد قائم.
وبعد الجازم، كقوله تعالى: (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله) (6)، وقوله تعالى: (أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى) (7)، وصل الجزاء بما، فإذا كان استفهاما لم يوصل بما وإنما يوصل إذا كان جزاء.
وبعد الخافض حرفا كان، كقوله تعالى: (فبما رحمة من الله لنت لهم) (8)، وكذلك قوله تعالى: (فبما نقضهم ميثاقهم) (9)؛ وقوله تعالى: (مما خطياتهم) (10). وقال ابن الأنباري في قوله، عز وجل (عما قليل ليصبحن نادمين) (11): يجوز أن يكون عن قليل وما توكيد، ويجوز أن يكون المعنى عن شيء، قليل وعن وقت قليل فيكون ما اسما غير توكيد، ومثله (مما خطاياهم)، يجوز أن يكون من إساءة خطاياهم ومن أعمال خطاياهم، فتحكم على ما من هذه الجهة بالخفض، وتحمل الخطايا على إعرابها، وجعلنا ما معرفة لإتباعنا المعرفة إياها أولى وأشبه، وكذلك (فبما نقضهم ميثاقهم)، وما توكيد، ويجوز أن يكون التأويل فبإساءتهم نقضهم ميثاقهم. وقال ابن فارس: وكثير من علمائنا ينكرون زيادة ما ويقولون لا يجوز أن يكون في