أضرابه وأترابه، لا يقوم لمثله إلا من أيد بالتوفيق، وركب في طلب الفوائد والفرائد كل طريق، فغار وأنجد، وتغرب فيه وابعد، وتفرع له في عصر الشباب وحرارته، وساعده العمر بامتداده وكفايته، وظهرت عليه علامات الحرص وأمارته.
نعم وإن كانت استعفر هذه الغاية فهي كبيرة وأستقلها وهي لعمر الله كثيرة، وأما الإستيعاب فأمر لا يقي به طول الأعمار، ويحول دونه مانعا العجز والبوار، فقطعته والعين طامحة، والهمة إلى طلب الازدياد جامعة، ولو وثقت بمساعدة العمر وامتداده، وركنت إلى أن يغضدني التوفيق لبغيتي منه واستعداده، لضاعفت حجمه أضعافا، وزدت في فوائد مئين بل آلافا، وخير الأمور أوسطها.
ولو أردت نفاق هذا الكتاب وسيرورته، واعتمدت إشاعة ذكره وشهرته لصغرته بقدر همم أهل العصر، ورغبات أهمل النفوس في كل مصر، ولكنني أنفذت فيه نهمتي، وجررت رسني له بقدر همتي، وسألت الله أن لا يحرمنا ثواب التعب فيه، ولا يكلنا إلى أنفسنا فيما نعمله وننويه بمحمد وآله الكرام البررة.
وكان مدة إملائي في هذا الكتاب من الأعلام أربع عشرة سنة وأيام، مع شواغل الدهر وتفاقم الكروب بلا انفصام. وكان آخر ذلك في نهار الخميس بين الصلاتين ثاني شهر رجب من سنة 1188 بمنزلي في عطفة الغسال بخط سويقة المظفر بمصر. أنا أسأل الله تعالى الهداية إلى مراضيه والتوفيق لمحبه بمنه وكرمه، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وأزواجه وأصحابه وسلم تسليما، وآخره دعوانا أن الحمد الله رب العالمين. وكتبه العبد العاجز المقصر محمد مرتضى الحسني الواسطي الزبيدي الزبيدي نزيل مصر، عفا الله عنه وسامحه بمنه وكرمه آمين.