يتغاير (1) متعاطفا ها فلا يجوز جاءني رجل لا زيد لأنه يصدق على زيد اسم الرجل بخلاف جاءني رجل لا امرأة، وبشرط أن لا تقترن بعاطف. فهي شروط ثلاثة ذكر منها الشرطين وأغفل عن الثالث، وقد ذكره الجوهري وغيره كما سيأتي.
وفي المصباح: وتكون عاطفة بعد الأمر والدعاء والإيجاب، نحو: أكرم زيدا لا عمرا، واللهم اغفر لزيد، لا عمرو، وقام زيد لا عمرو، ولا يجوز ظهور فعل ماض بعدها لئلا يلتبس بالدعاء، فلا يقال قام زيد لا قام عمرو. وقال ابن الدهان: ولا تقع بعد كلام منفي لأنها تنفي عن الثاني ما وجب للأول، فإذا كان الأول منفيا فماذا ينفي، انتهى.
وفي الصحاح: وقد تكون حرف عطف لإخراج الثاني مما دخل فيه الأول كقولك: رأيت زيدا لا عمرا، فإن أدخلت عليها الواو خرجت من أن تكون حرف عطف كقولك: لم يقم زيد ولا عمرو، لأن حروف النسق لا يدخل بعضها على بعض، فتكون الواو للعطف ولا إنما هي لتوكيد النفي، انتهى.
وفي المصباح: قال ابن السراج وتبعه ابن جني: معنى لا العاطفة التحقيق للأول والنفي عن الثاني فتقول قام زيد لا عمرو، واضرب زيدا لا عمرا، ولذلك لا يجوز وقوعها بعد حروف الاستثناء فلا يقال قام القوم إلا زيدا ولا عمرا، وشبه ذلك، وذلك أنها للإخراج مما دخل فيه الأول، والأول هنا منفي، ولأن الواو للعطف ولا للعطف ولا يجتمع حرفان بمعنى واحد، قال: والنفي في جميع العربية متسق بلا إلا في الاستثناء، وهذا القسم داخل في عموم قولهم لا يجوز وقوعها بعد كلام منفي. قال السهيلي: ومن شرط العطف أن لا يصدق المعطوف عليه على المعطوف فلا يجوز قام رجل لا زيد، ولا قامت امرأة لا هند، وقد نصوا على جواز اضرب رجلا لا زيدا فيحتاج إلى الفرق، انتهى الغرض منه، وللحافظ تقي الدين السبكي في هذه المسألة رسالة بالخصوص سماها نيل العلا في العطف بلا، وهي جواب عن سؤال لولده القاضي بهاء الدين أبي حامد أحمد بن علي السبكي وقد قرأها الصلاح الصفدي على التقي في دمشق سنة 753، وحضر القراءة جملة من الفضلاء وفي آخرها حضره القاضي تاج الدين عبد الوهاب ولد المصنف، وفيها يقول الصفدي مقرظا:
يا من غدا في العلم ذا همة * عظيمة بالفضل تملا الملا لم ترق في النحو إلى رتبة * سامية إلا بنيل العلا وسأختصر لك السؤال والجواب، وأذكر منهما ما يتعلق به الغرض:
* قال يخاطب ولده: سألت أكرمك الله عن قام رجل لا زيد، هل يصح هذا التركيب، وأن الشيخ أبا حيان جزم بامتناعه وشرط أن يكون ما قبل لا العاطفة غير صادق على ما بعدها، وأنك رأيت، سبقه لذلك السهيلي في نتائج الفكر وأنه قال: لأن شرطها أن يكون الكلام الذي قبلها يتضمن بمفهوم الخطاب نفي ما بعدها وإن عندك في ذلك نظرا لأمور منها أن البيانيين تكلموا على القصر وجعلوا منه قصر الإفراد وشرطوا في قصر الموصوف إفرادا عدم تنافي الوصفين كقولنا: زيد كاتب لا شاعر، وقلت كيف يجتمع هذا مع كلام السهيلي والشيخ، ومنها إن قام رجل لا زيد مثل قام رجل وزيد في صحة التركيب، فإن امتنع قام رجل وزيد ففي غاية البعد لأنك إن أردت بالرجل الأول زيدا كان كعطف الشيء على نفسه تأكيدا، ولا مانع منه إذا قصد الإطناب، وإن أردت بالرجل غير زيد كان من عطف الشيء على غيره ولا مانع منه، ويصيره في هذا التقدير مثل قام رجل لا زيد في صحة التركيب؛ وإن كان معناهما متعاكسين، بل قد يقال قام رجل لا زيد أولى بالجواز من قام رجل وزيد؛ لأن قام رجل وزيد إن أردت بالرجل فيه زيدا كان تأكيدا وإن أردت غيره كان فيه إلباس على السامع، وإيهام أنه غيره، والتأكيد والإلباس منتفيان في قام رجل لا زيد، وأي فرق بين زيد كاتب لا شاعر وقام رجل لا